الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط كون الطلاق في المحكمة وعدم وقوعه مدة معينة أو مشافهة

السؤال

ما حكم زواج التجربة، وهو اشتراط عدم وقوع الطلاق 5 سنوات مثلًا؟ وما حكم اشتراط عدم وقوع الطلاق الشفوي، وعند إرادة الطلاق يكون عن طريق المحاكم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما أسميته بزواج التجربة: إن كان يتضمن ما ذكرت من اشتراط عدم الطلاق لمدة معينة -كخمس سنوات مثلًا-؛ فينبغي العلم بأن الله سبحانه قد شرع الطلاق، وجعله مخرجًا للزوجين عند الحاجة إليه؛ لاستحالة العشرة بينهما مثلًا.

ومن أدلة مشروعيته، قول الله عز وجل: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}.

وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه، وعنها- أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس، ما أعتب عليه في خُلُق، ولا دِين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردّين عليه حديقته؟» قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة، وطلّقها تطليقة».

فجعل الخلع مخرجًا للزوجة عند الحاجة إليه، كما جعل الطلاق مخرجًا للزوج، بل الطلاق قد يكون واجبًا، أو مستحبًّا في بعض الحالات، كما ذكر الفقهاء، وتراجع الفتوى: 93203.

فاشتراط عدم الطلاق حجر على كل من الرجل والمرأة، وهضم لحق كل منهما منحهما إياه رب العالمين؛ فهذا الاشتراط مخالف للشرع؛ فهو شرط باطل، ومردود، روى البخاري، ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية، قال: أما بعد، فما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل؛ فهو باطل، وإن كان مائة شرط.

فهذا الشرط باطل، كما ذكرنا، ولكن الزواج صحيح، إن استوفى شروط الصحة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: تصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود. اهـ. وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.

وأما السؤال الثاني، فجوابه: أن الشارع جعل ألفاظ الطلاق على ما هو مقرر حلًّا للعصمة الزوجية، إذا صدرت ممن هو أهل لحلّها؛ فتجريدها، وتفريغها من ذلك مصادم لما شرعه الله تعالى.

فإذا تلفّظ الزوج في حال اختياره بطلاق زوجته؛ وقع الطلاق.

ولا يجوز أن يشترط عليه عدم إيقاعه بالمشافهة، فإن اشترط؛ كان شرطًا باطلًا، والعقد صحيح، قال زكريا الأنصاري -الشافعي- في الغرر البهية: لو أذن في النكاح بشرط أن لا ينفق على زوجته، أو أن لا يطلّقها، أو أن يطلّقها بعد شهر، أو أن لا يطأها قط، أو أن لا يطأها كل يوم؛ بطل الشرط دون الإذن. قاله القفال في فتاويه. اهـ.

وننبه إلى أن الطلاق لا يقع بمجرد حكم المحاكم الوضعية، كما ذكرنا ذلك في الفتوى: 65483.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني