الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ادّخار جزء من الراتب

السؤال

هل يجوز أن أترك جزءًا من راتبي للمستقبل؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في الادّخار من راتبك للمستقبل، إذا أدّيت حقّ الله تعالى في هذا المال المدّخر؛ من إخراج زكاته، ولم تكن مقصرًّا في شيء من واجباتك؛ كالنفقة على من تجب عليك نفقته، وكل مال أدّيت زكاته، فليس بكنز، مهما طالت مدة ادّخاره، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدّخر لأهله قوت سنة، واستدّل به ابن جرير على جواز الادّخار مطلقًا، وأنه لا ينافي التوكّل، وقوّاه الحافظ ابن حجر، قال ابن حجر -رحمه الله-: قال ابن دقيق العيد: في الحديث جواز الادّخار للأهل قوت سنة... قال: وَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى لِسَان الطَّرِيقَة جَعَلُوا -أَوْ بَعْضهمْ- مَا زَادَ عَلَى السَّنَة خَارِجًا عَنْ طَرِيقَة التَّوَكُّل. اِنْتَهَى. وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى الرَّدّ عَلَى الطَّبَرِيِّ حَيْثُ اِسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَاز الِادِّخَار مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، وَفِي الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخ تَقْيِيد بِالسَّنَةِ اِتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ الْوَارِد، لَكِنْ اِسْتِدْلَال الطَّبَرِيِّ قَوِيّ، بَلْ التَّقْيِيد بِالسَّنَةِ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ ضَرُورَة الْوَاقِع؛ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَدَّخِر لَمْ يَكُنْ يَحْصُل إِلَّا مِنْ السَّنَة إِلَى السَّنَة، لِأَنَّهُ كَانَ إِمَّا تَمْرًا، وَإِمَّا شَعِيرًا، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ شَيْئًا مِمَّا يُدَّخَر كَانَ لَا يَحْصُل إِلَّا مِنْ سَنَتَيْنِ إِلَى سَنَتَيْنِ لَاقْتَضَى الْحَال جَوَاز الِادِّخَار لِأَجْلِ ذلك. انتهى.

وبه يعلم أنه يجوز لك ادّخار ما شئت من راتبك وغيره بالشرط المذكور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني