الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ضرب شخصا فمات وهو لا يقصد قتله

السؤال

ضربت بنت زوجي، وماتت، ولم أقصد لها الموت. فهل هذا قتل عمد؟
أرجو الإجابة منكم، وماذا أفعل؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: لا شك أن ضرب بنت الزوج -وإن لم يترتب عليه قتل أو ضرر- لا شك أنه محرم لا يجوز، وهو لو كان على شخص غريب، لكان ظلما واعتداء، فكيف بضرب من ائتمنك الزوج على رعايته وحفظه. فكيف إذا ترتب عليه قتلٌ وإزهاق لروح بريئة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولا يمكننا الحكم على القتل الذي صدر منكِ هل هو عمد، أو غيره؛ لأنكِ لم تذكري لنا الوسيلة والطريقة التي ضربتِ بها البنت، حتى نعلم حقيقة القتل.

والذي يمكننا قوله باختصار هو: أن الضرب الذي يعتبر الموت به قتل عمد، هو أن يضرب القاتلُ المقتولَ بما يغلب على الظن موته به، قاصدًا ذلك.

جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْقَتْل ‌الْعَمْدِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. إِلَى أَنَّ الْقَتْل ‌الْعَمْدَ هُوَ الضَّرْبُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ غَيْرِ مُحَدَّدٍ، وَالْمُحَدَّدُ، هُوَ مَا يَقْطَعُ، وَيَدْخُل فِي الْبَدَنِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَأَمْثَالِهِمَا، مِمَّا يُحَدِّدُ وَيَجْرَحُ، وَغَيْرُ الْمُحَدَّدِ هُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حُصُول الزَّهُوقِ بِهِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ كَحَجَرٍ كَبِيرٍ، أَوْ خَشَبَةٍ كَبِيرَةٍ. وَبِهِ قَال النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْقَتْل ‌الْعَمْدَ هُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَ الْمَقْتُول فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ بِآلَةٍ تُفَرِّقُ الأَجْزَاءَ، كَالسَّيْفِ، وَاللِّيطَةِ، وَالْمَرْوَةِ وَالنَّارِ؛ لأَنَّ ‌الْعَمْدَ فِعْل الْقَلْبِ؛ لأَنَّهُ ‌الْقَصْدُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَاّ بِدَلِيلِهِ، وَهُوَ مُبَاشَرَةُ الآْلَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَتْل عَادَةً. وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُثْقَّل فَلَيْسَ الْقَتْل بِهِ عَمْدًا عِنْدَهُ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ: فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مُوجبَ الْقَتْل الْعَمْدِ بِشُرُوطِهِ: الْقَوَدُ، وَالإِثْمُ، وَحِرْمَانُ الْقَاتِل مِنْ أَنْ يَرِثَ الْقَتِيل. اهــ.

وننبهك إلى أنه لا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية؛ لتنظر في الأمر، لأن القتل سواء كان عمدا، أو غيره، تتعلق به حقوق للعباد، سواء حق المقتول، أو حق أولياء الدم، فلا يجوز للقاتل كتمانه، وانظري للأهمية الفتوى: 156609. في شروط توبة القاتل العمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني