الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعارة الثياب للشخص الذاهب لمكان محرم

السؤال

هل إعارة شخص ما ثيابًا، أو حذاء، من المعاونة على الإثم والعدوان؟ علمًا أن هذا الشخص قد يذهب لمكان محرم، أو يذهب للقاء فتاة. وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل هو إباحة العارية -بل استحبابها للمعير-، إلا إن علم يقينًا -أو غلب على ظنّه عند بعض العلماء- أن المستعير يقصد بالعارية استعمالها في معصية؛ فحينئذ لا تجوز الإعارة؛ لئلا يُعان على المعصية، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، قال ابن تيمية في حديث: لعنت الخمر على عشرة وجوه: لعنت الخمر بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. أخرجه أحمد، وأبو داود، وقال ابن تيمية: ثبت أنه حديث جيد: ... ثم في معنى هؤلاء: كل بيع، أو إجارة، أو هبة، أو إعارة، تعين على معصية، إذا ظهر القصد، وإن جاز أن يزول قصد المعصية. اهـ. من إقامة الدليل على إبطال التحليل.

وفي كشاف القناع: (و) تَحْرُمُ إعارَةُ عَيْنٍ لِنَفْعٍ مُحَرَّمٍ، كَإعارَةِ دارٍ لِمَن يَتَّخِذُها كَنِيسَةً، أوْ يَشْرَبُ فِيها مُسْكِرًا، أوْ يَعْصِي اللَّهَ فِيها، وكَإعارَةِ سِلاحٍ لِقِتالٍ فِي الفِتْنَةِ، وآنِيَةٍ لِيَتَناوَلَ بِها مُحَرَّمًا مِن نَحْوِ خَمْرٍ.

(و) إعارَةُ (أوانِي الذَّهَبِ والفِضَّةِ، و) إعارَةُ (دابَّةٍ مِمَّنْ يُؤْذِي عَلَيْها مُحْتَرَمًا، و) إعارَةُ (عَبْدٍ أوْ أمَةٍ لِغِناءٍ، أوْ نَوْحٍ، أوْ زَمْرٍ، ونَحْوِهِ) لِأنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ إعانَةٌ عَلى الإثْمِ والعُدْوانِ المَنهِيِّ عَنْهُ. اهـ.

وأما مجرد الشك، واحتمال قصد المستعير استعمال العارية في معصية؛ فلا يوجب تحريم الإعارة، وانظر في هذا الفتوى: 375817.

فالخلاصة: أنه ما دام لم يُعلم، أو يغلب على الظن أن المستعير قد استعار الثياب والأحذية ليستعملها في معصية؛ كالذهاب إلى أماكن المحرمات، فلا تحرم الإعارة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني