الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بقاء المرأة مع الرجل الذي يتلفظ بالطلاق كثيرًا بدعوى الغضب وعدم الوعي

السؤال

أبي كثير الطلاق لأمّي، وقد وقع منه لفظ الطلاق أكثر من مائة مرة، هذا غير يمين الطلاق الكثير الذي وقع أيضًا، وفي كل مرة يكون هناك مخرج في الشريعة للرجوع، ولكن في آخر عشر سنوات تقريبًا وقع يمين الطلاق، وكل مرة يقع فيها الطلاق أمام الناس -الجيران والأهل-، وبعد ذلك رجعت من خلال دار الإفتاء بعد تحذيره أن هذه آخر مرة، ووقع الطلاق أيضًا بعدها، واستشير مأذون وأفتى أن هناك رجعة أخرى، وفي هاتين المرتين كانت الحجة أن النية لم تكن طلاقًا، وأنه وقع عن غير وعي منه، وفي حالة عصبية وضيق، على حدّ قوله، ومع المأذون كتب عقدًا جديدًا، وقال له: لك ثلاث طلقات -مع العلم أنها انتهت- وتم الرجوع بعد التحذير أيضًا أن هذه آخر مرة، وبعد ذلك وقع الطلاق مرة أخرى، وكان هناك اعتقاد أنه لا رجعة مرة أخرى، ولكنه أفتي أن الطلاق كان في طهر قد جامعها فيه، وكل ألفاظ الطلاق التي وقعت في طهر جامعها فيه، ورجعت، وأخيرًا طلقها من عدة أيام، وأحد المشايخ يفتي أن هناك رجوعًا؛ لأن الطلاق كان في طهر قد جامعها فيه، مع العلم أن الطلاق في كل هذه المرات طلاق لفظي صريح، فهل هناك رجعة؟ علمًا أن أبي لا يتغير في كل مرة، بل يصبح أسوأ، والناس يقولون: إنهم يعيشون في زنى. أفتوني بالله عليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ صريح الطلاق يقع من غير حاجة إلى نية، ولا يمنع وقوعه الغضب الذي لا يزيل العقل، ولا كونه في زمن حيض، أو طهر حصل فيه جماع، وهذا هو المفتى به عندنا، لكنّ بعض أهل العلم لا يوقع الطلاق البدعي، وبعضهم لا يوقع الطلاق في الغضب الشديد، وراجعي الفتوى: 5584، والفتوى: 337432.

والمسائل التي اختلف فيها أهل العلم، لا حرج على من عمل بقول من أقوالهم فيها، ما دام مطمئًنا إلى صحة القول، وليس متبعًا لهواه، وانظري الفتوى: 241789.

وإذا كان والدك كثير التلفظ بالطلاق، والحلف به؛ فهو على خطر عظيم، قال ابن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوًا؛ ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق مائة، فقال: يكفيك منها ثلاث، والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوًا، فمن اتخاذها هزوًا على هذا مخالفة حدودها، فيعاقب بإلزامها، وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.

وإذا كانت أمّك في شك من حلّ بقائها مع زوجها؛ فلتذهب إلى من تثق في علمه ودِينه من أهل الفتوى، وتعرض عليه الأمر؛ فإن أفتاها بحرمة بقائها معه؛ فعليها أن تفارقه، ولو بالخلع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني