الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موازنة الفتاة بين رغبتها في تعلّم العلم الشرعي ورغبة والديها في تعلّم العلم الدنيوي

السؤال

منَّ الله عليّ بالهداية، فقرّرت أن أتجه للعلم الشرعي، فبدأت بالقرآن الكريم، وأرغمني أهلي هذا العام على دارسة الماستر: (الطاقة المتجددة)، أو التعليم، فرفضت الأمرين؛ لأني أريد أن أبدأ مسيرة أخرى بعيدة عن العلوم الدنيوية، فلقيت هجومًا شرسًا حين لم أنجح في التعليم، وأجبرت على أن أدرس الماستر، وما زلت أسمع كلامًا من والدي بين الحين والآخر: (لقد أفنينا عمرنا من أجلك، ولم نرَ منك شيئًا مما قدّمناه لك)، وكلامًا من هذا القبيل.
لا أخفيكم سرًّا أنني ضقت ذرعًا من حالي، وسئمت حياة الاختلاط المتكرر واليومي، وأنا الآن أقرّر أن أتخلى عن الماستر؛ لأتفرّع للعلوم الشرعية، رغم أنني أعلم أنهم سيهاجمونني، ولن أعيش بسلام، وأنا أعمل أيضًا في الساعات الإضافية؛ لأسد احتياجاتي، فأرشدوني -أرشدكم الله إلى ما يحبه ويرضاه- هل قراري صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهنيئًا لك نعمة الهداية، والتوفيق إلى التمسك بالحق، فجزاك الله خيرًا، وتقبل منك، وزادك هدى، وتقى، وصلاحًا.

ورغبتك في دراسة العلوم الشرعية أمر طيب، نسأله -سبحانه- أن يوفقك في ذلك.

وتحصيل هذا العلم أصبح متيسرًا الآن؛ لتوفّر الوسائل التي يمكن تحصيله من خلالها؛ فتحصيل الحدّ الواجب من ذلك قد لا يحتاج إلى كثير من التفرّغ له، أو طلبه في مؤسسة تعليمية معينة؛ فمن الممكن أن تجتهدي في السعي في الجمع بين المصلحتين: بتحقيق رغبة والديك في دراسة العلوم الدنيوية، وتحقيق رغبتك في العلم الشرعي.

وإذا أمكنك أن تجدي جامعة خالية من الاختلاط؛ فالتحقي بها، واتركي الجامعة المختلطة.

وإن لم تجديها، فالدراسة في الجامعة المختلطة، جائزة عند الضرورة، بضوابط سبق بيانها في الفتوى: 5310.

وحاولي تحقيق رضا والديك فيما لا معصية فيه، واتقاء غضبهما ما أمكن.

وإذا كنت تخشين على نفسك الفتنة بالدراسة المختلطة، فحاولي إقناع أبيك بالسماح لك بتركها، وتلطّفي به في ذلك، واشفعي إليه بمن لهم مكانة عنده.

فإن اقتنع، فالحمد لله، وإلا فلا حرج عليك في مخالفته؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، واجتهدي بعد ذلك في سبيل كسب رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني