الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من الرزق المكتوب

السؤال

أنا فتاة تخرجت من الجامعة منذ فترة. ولأختصر الأمر: أنا فتاة خجولة جدا، وجامعتنا مختلطة. وعانيت الأمرَّين حتى انتهت هذه الفترة الدراسية، حيث كانت من أصعب أيام حياتي. حينها لمح لي طالب معنا بإعجابه، وأنا أحاول أن أتجاهل الأمر. استمر هو شيئا فشيئا، وبالمقابل أستمر بالتهرب، مع العلم أنه صاحب دين وخلق، ولو أنه طلبني من أهلي، أو عن طريق صديقاتي لوافقت من دون تردد، لكنه لم يتجرأ لفعلها.
مرت السنين وأنا ألاحظ أنه يزداد، بل ويبالغ في الأمر إلى أن اكتشفت بعدها أنه وبسبب رفضي له، كان يخطط أن يحرق قلبي، وذهب لخطبة بنت أخرى بنفس الطريقة التي اتبعها معي، لكنها تقبلته، واتفقت معه، وتم الأمر وتزوجا.
تحملت كسر قلبي، ورضيت، ولم أغضب ربي بأي فعل، أو نظرة.
سؤالي الآن: هل تصرفي هذا صحيح؟ وهل فعلا كنت غير ناضجة للحد الذي يجعلني أذهب له، وأعرض عليه نفسي، كما سمعت الآن من فتاوى تقول: يجوز للمرأة المسلمة أن تعرض نفسها، أو تبدي قبولها بشخص ترضى دينه وخلقه.
إذا أنا كنت غير ناضجة حينها حسب هذا القول، وهو فعلا له الحق بأن يتصرف هكذا ويحرق قلبي. ومن تزوجها لم تخطئ شيئا أبدأ، فأنا المخطئة، وحيائي هو المخطئ؟!
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الشاب أجنبي عنك، فما فعله من التلميح بإعجابه بك سواء بالقول أو بالفعل، أمر لا يجوز، وقد أحسنت بعدم مجاراته في هذه التصرفات. ولو أن له رغبة في الزواج منك، لم يكن له أن يفعل ما فعل؛ لأن هذا قد يكون بابا للفتنة والفساد.

والأصل أن تكون المرأة مطلوبة وليست طالبة، فإن كان راغبا في الزواج منك، كان ينبغي له أن يتقدم إلى وليك لخطبتك.

ولا تأسفي على كونك قد فاتك أمر الزواج منه؛ فالزواج من الرزق، وسيأتيك ما كتب الله لك منه، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا.... {هود:6}، وقال سبحانه: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا {الأحزاب:38}.

ففوضي أمرك لله، والتجئي إليه بتضرع، وسليه أن يقدر لك الخير، واستعيني بأقربائك وصديقاتك في البحث عن الزوج الصالح. فكما قرأت، يجوز شرعا للمرأة البحث عن الزوج الصالح، وعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها، وراجعي في ذلك فتوانا: 18430.

وهذا الأمر وإن كان جائزا شرعا -نعني عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح- إلا أنه ليس غريبا أن يحمل المرأة حياؤها على أن لا تقدم على هذه الخطوة، ولا يعني ذلك بحال عدم نضج المرأة، بل على العكس من ذلك، فهو دلالة وعي.

ومن حق هذا الشاب أن يتزوج ممن يشاء من النساء، ونرجو أن تهوني على نفسك، ولا تتعبيها بالتفكير في أمر زواجه من غيرك؛ ولا يلزم أن يكون قصده بذلك إغاظتك، أو ما وصفته بإحراق قلبك.

وإذا كان قلبك قد تعلق به، فالعشق له علاج سبق بيانه في الفتوى: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني