الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجّل لصاحبه العقوبة مع ما يدخر له، من البغي، وقطيعة الرحم". رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. ما معنى البغي في هذا الحديث بالتفصيل؟ وما الذي يدخل فيه وما الذي لا يدخل فيه؟ وهل هو ظلم الناس في دمائهم، وأموالهم وأعراضهم، الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالظلم للغير يستحق صاحبه العقوبة في الدنيا لا محالة...ثم هو نوعان:
أحدهما: منع ما يجب لهم من الحقوق، وهو التفريط.
والثاني: فعل ما يضر به، وهو العدوان". مجموع الفتاوى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بالبغي في الحديث: الظلم، والإساءة إلى المخلوقات، كما جاء في حاشية السندي على سنن ابن ماجه.

والبغي، وقطيعة الرحم معصيتان، فيهما إيذاء للخلق، وتضييع للحق، فكانا أفحش من غيرهما من الذنوب، كما يقول الدهلوي في لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح.

وجاء في التنوير في شرح الجامع الصغير للأمير الصنعاني أن البغي وقطيعة الرحم من: أسرع الذنوب عقوبة في الدنيا، وعقوبة الآخرة على أصلها. وفي الحديث: عظمة شأن البغي، وقطيعة الرحم، فكل واحدة كبيرة من أمهات الكبائر، فكيف إذا اجتمعتا!؟ انتهى منه بتصرف يسير.

والمعاني التي ذكرها أهل اللغة، وشراح الحديث للبغي، تدور حول الظلم، والكبر، ومجاوزة الحدّ، والاستطالة على الناس، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب.

وعليه؛ فظلم الناس من البغي المحرم، وبحسب ذلك الظلم يعظم الجرم، وهذا ما أشار له شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى، وقد ذكرت طرفًا منه في سؤالك، فكل ذلك من البغي المحرم الذي لا يجوز فعله، ومن ارتكبه ففيه الوعيد الشديد إن لم يبادر إلى التوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني