الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من وقع في الربا خطأ دون قصد

السؤال

أنا ولد عندي 15 سنة، كانت عندي مشكلة، حسب موقعكم تم تشخيصي بالوسواس القهري.
السؤال: هل من وقع في الربا دون قصد، يحاسب عليه؟
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من وقع في الربا، أو غيره من المحرمات، خطأ دون قصد منه؛ فلا إثم عليه.

فمن القواعد الشرعية أن الخطأ بعدم قصد الفعل، من موجبات رفع الإثم، كما قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ {الأحزاب:5}، وقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}.

وفي صحيح مسلم: عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ{البقرة:284}. قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا. قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}، قال: قد فعلت. رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا {البقرة:286}، قال: قد فعلت. وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا {البقرة:286}، قال: قد فعلت.

وفي الحديث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. أخرجه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين.

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان)).

فأما الخطأ والنسيان، فقد صرح القرآن بالتجاوز عنهما، قال الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقال: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}.

ثم قال: الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئا، فيصادف فعله غير ما قصده، مثل: أن يقصد قتل كافر، فيصادف قتله مسلما.
والنسيان: أن يكون ذاكرا لشيء، فينساه عند الفعل، وكلاهما معفو عنه، بمعنى أنه لا إثم فيه. اهـ.

وراجع في علاج الوسوسة، الفتوى: 3086.

وللإجابة على بقية أسئلتك، يرجى إرسال كل واحد منها في سؤال مستقل؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني