الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البقاء مع الزوج الذي يسبّ الذات الإلهية

السؤال

أنا في حيرة من أمري، ووصلت لمرحلة التفكير في الانتحار، فلي زوج طاغية، كاذب، مخادع انخدعت به، يهددني بالقتل إذا فكّرت بتركه، وقد تزوجته بنفسي دون ولي؛ بسبب كثرة جريه خلفي في كل مكان، لكن حلمي ضاع، وضاعت لذة الحياة، أهذا عقاب من الله؟
وزوجي دائم السبّ للذات الإلهية والدِّين، بل إنه قام بقذف الله -والعياذ بالله- كأن الله سبحانه وتعالى له أم وأخوات، وسب شرفهنّ بطريقة مقززة؛ بسبب ألم مفاجئ شعر به خلال قيادة السيارة؛ لدرجة أني شعرت برغبة في فتح باب السيارة وإلقاء نفسي تحت عجلات السيارات؛ لأموت وأرتاح من كل هذا العذاب النفسي، والجسدي، والمعنوي. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل همّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية.

ونوصيك بصدق التوجه إلى الله، والتضرّع إليه؛ فهو مجيب دعوة المضطر، وكاشف الضر، قال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، وروى أبو داود عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: «اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت».

والزواج دون ولي لا يصحّ في قول جمهور الفقهاء؛ لأن الولي شرط لصحة الزواج عندهم، وهو ما نرجّحه؛ لثبوت الأدلة على ذلك؛ فالزواج بغير ولي باطل.

ومن حكمة الشرع في اشتراط الولي كون الولي أدعى لأن يطلع على حال الرجل؛ فيختار لموليته من هو أصلح لها.

وما كان لك مجاراة هذا الرجل، وتزويجه من نفسك من غير إذن وليّك، لمجرد إلحاحه عليك، وراجعي للفائدة الفتوى: 111441، والفتوى: 65069.

وإن كان هذا الرجل على ما حكيت عنه من سبّه الذات الإلهية -تعالى وتنزّه سبحانه عن النقائص، لم يلد ولم يولد-؛ فهذه ردّة عن الإسلام بإجماع العلماء -نسأل الله العافية-؛ وبهذا يتأكّد أمر مفارقتك له، وعدم تمكينه من نفسك؛ إذ تحرم معاشرته لك، وراجعي الفتوى: 244450.

وإن وجدت منه تضييقًا وأذى، فارفعي الأمر إلى الجهات المسؤولة.

ولا يخفى عليك -وأنت العاقلة- أن الانتحار محرم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، قد ورد فيه الوعيد الشديد، وأن صاحبه ينتقل إلى شقاء أعظم؛ فالانتحار داء، وليس بدواء، فكوني على حذر منه، وأقبلي على ربك، وذكره، وشكره، وطاعته.

واحرصي على صحبة النساء الصالحات؛ ليقفن بجانبك، ويكنّ عونًا لك على الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني