الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الإكراه المعتبر في الطلاق

السؤال

كتبت كتابي على امرأة، ثم بدأت أسيء إليها، وأعاملها معاملة سيئة، وهي كانت تصبر لشدة تعلقها بي. إلى أن ذهبت ذات مرة لزيارتها، فأتت بأولاد خالها، وأجبروني على الطلاق.
وبعد أقل من شهر تكلمنا، وقالت إنها تريد أن أرجعها، فوعدتها أني سأتقي الله فيها، وأعوضها عما فات. لكن أمها ترفض رجوعها. مع تدخل أولاد خالها في الموضوع.
جاءت إلى أهلي بعد شهر من الطلاق، وقالت: أرجعني أمام أهلي. لن أذهب. فرفض أهلي، وقالوا: تذهب، وترجعها وفق الأصول من بيت أهلها. فكلمنا أمها، فرفضت رفضا تاما.
هل طلاقي لها بالإكراه يعتبر طلاقا؟ مع العلم أنها كانت على علم بما سيفعله أبناء خالها؟
وورقة الطلاق قد خرجت. هل هذا يعتبر طلاقا رسميا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الله الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف، وأوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجال بالنساء، فقال صلى الله عليه وسلم: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه. وقال: خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.

وحذّر من ظلم المرأة، فقال: اللهم إني أحرّج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة.

فالواجب عليك أن تتوب إلى الله -تعالى- من إلإساءة إلى زوجتك دون حق، وأن تحرص في المستقبل على إحسان عشرة زوجتك.

وأمّا بخصوص الطلاق الذي وقع على تلك المرأة، فلم تبين لنا كيف أجبرك أبناء خال زوجتك على طلاقها!
فليس كل إلحاح أو تهديد؛ يُعدّ إكراها، وإنما يكون الإكراه عند غلبة الظن بحصول ضرر شديد كالقتل، أو الضرب ونحو ذلك.

قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، قَادِرًا بِسُلْطَانٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ. انتهى.
وعليه؛ فإن كنت أكرهت على الطلاق؛ فالطلاق غير نافذ شرعا، لكن لا بد من إلغاء وثيقة الطلاق حتى لا تضيع الحقوق، أو يحصل الضرر.
وأمّا إذا لم يتحقق الإكراه؛ فالطلاق نافذ، وحيث كان الطلاق قبل الدخول، أو الخلوة الصحيحة؛ فهو بائن لا تملك فيه الرجعة.

وإذا أردت الرجوع إليها، فلا بد من عقد ومهر جديدين، وراجع التفصيل في الفتوى: 242032
وما دام في المسألة تفصيل؛ فالأولى أن تعرض على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني