الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من سبق الإمام إلى القيام واشترك معه في الركوع الذي بعده

السؤال

حكم من صلى في باحة المسجد، أو بجواره مقتديا بصوت إمام المسجد؛ لأنه لم يتمكن من الدخول بسبب إغلاق باب المسجد، وهو لا يرى الإمام ولا يرى من يراه، وفي الركعة الثالثة قام الإمام من السجدة الثانية، وجلس للتشهد ساهيًا، وقام المأموم الذي بالخارج للركعة الرابعة، ثم لمَّا نُبِّهَ الإمامُ قام للرابعة وكبر، فظن من بالخارج أن الإمام كبر للركوع، ولم ينتبهوا إلا عندما طال الركوع، وكبر الإمام، ولم يقل "سمع الله لمن حمده"، فبقى من بالخارج راكعا حتى رفع الإمام من الركوع، وتابعوه في بقية الصلاة، وسجدوا معه للسهو.
فما حكم صلاتهم؟ هل يلزمهم الإتيان بركعة؟ أم يعذرون بسبب جهلهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فههنا مسألتان، أولاهما أن ائتمامهم بالإمام حيث لا يرونه، أو يرون من يراه في صحته خلاف بين العلماء، والمفتى به عندنا صحة الائتمام ما دام العلم بانتقالاته ممكنا. وانظر الفتوى: 137026.

الثانية: أنهم سبقوا الإمام -من غير عمد منهم- إلى القيام، فلم يجتمعوا معه فيه، وسبقوه إلى الركوع حتى أدركهم فيه، وعليه؛ يكونون قد سبقوا الإمام بركن واحد وهو القيام، واشتركوا معه في الركن الذي بعده وهو الركوع.

وإذا كان واقع الحال كذلك؛ فالذي نراه أن صلاتهم صحيحة؛ لأن ظاهر نصوص الحنابلة تفيد أن هذه الصورة من سبق المأموم للإمام لا تبطل الصلاة بها؛ إلا إذا كان ذلك عن عمد من المأموم.

قال البهوتي في الروض المربع شرح زاد المستقنع: (وإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدًا بطلت) صلاته؛ لأنه سبقه بمعظم الركعة، (وإن كان جاهلا أو ناسيًا) وجوب المتابعة (بطلت الركعة) التي وقع السبق فيها (فقط)، فيعيدها، وتصح صلاته للعذر،( وإن ) سبقه مأموم بركنين بأن (ركع ورفع قبل ركوعه، ثم سجد قبل رفعه) أي رفع إمامه من الركوع ( بطلت ) صلاته؛ لأنه لم يقتد بإمامه في أكثر الركعة (إلا الجاهل والناسي)، فتصح صلاتهما للعذر. (ويصلي) الجاهل أو الناسي (تلك الركعة قضاء) لبطلانها؛ لأنه لم يقتد بإمامه فيها، ومحله إذا لم يأت بذلك مع إمامه. ولا تبطل بسبق بركن واحد غير ركوع. انتهى.

قال ابن قاسم في حاشيته على الروض المربع- شارحا لقول البهوتي: ولا تبطل بسبق بركن واحد غير ركوع: أي ولا تبطل الصلاة بسبق مأموم بركن واحد، كقيام وهوي إلى السجود، غير ركوع فتبطل به، لأن الركوع تدرك به الركعة، وتفوت إذا فات فليس كغيره. انتهى.

وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: و(لا) تبطل (ركعته) إن سبق إمامه جاهلا أو ناسيا (بركن) غير ركوع؛ كقيام وهوي إلى السجود. وأما الركوع فتبطل الركعة بالسبق به؛ لأنه تدرك به الركعة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني