الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضحك من أفعال الناس بين الذم وعدمه

السؤال

أريد أن أستفسر عن حكم من ضحك على شخص، ناسيا؟
وهل على من فعل ذلك شيء من حقوق العباد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: واضح من أسئلتك أخي السائل أنك مصاب بوسوسة فيما يتعلق بالتعامل مع الآخرين، والخوف من حقوقهم، فأسئلتك السابقة مع هذا السؤال كلها تدور حول نفس الموضوع.

والذي يمكننا قوله لك باختصار: ليس كل ضحك على صنيع الآخرين، أو شيء بدر منهم يكون سخرية واستهزاء بهم، بل قد يضحك المسلم من فعل أخيه وهو يحبه، ولا يريد السخرية والاستهزاء به.

والضحك المذموم هو الضحك الذي فيه شماتة، أو سخرية من المسلم، ففي صحيح مسلم عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ: دَخَلَ شَبَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى عَائِشَةَ، وَهِي بِمِنًى، وَهُمْ يَضْحَكُونَ. فَقَالَتْ: مَا يُضْحِكُكُمْ؟ قَالُوا: فُلَانٌ خَرَّ عَلَى طُنُبِ فُسْطَاطٍ، فَكَادَتْ عُنُقُهُ أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَبَ. فَقَالَتْ: لَا تَضْحَكُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ.
قال القاضي عياض في إكمال المعلم: قول عائشة للذين ضحكوا من الذي سقط: "لا تضحكوا": الضحك في مثل هذا غير مستحسن ولا مباح، إلا أن يكون من غلبة مما طبع عليه البشر. وأما قصداً ففيه شماتة بالمسلم وسخرية بمصابه، والمؤمنون إنما وصفهم الله بالرحمة والتراحم بينهم، ومن خلقهم الشفقة بعضهم لبعض.. اهـ.

وقال النووي في شرح مسلم: فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الضَّحِكِ مِنْ مِثْلِ هَذَا، إِلَّا أَنْ يَحْصُلَ غَلَبَةٌ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ. وَأَمَّا تَعَمُّدُهُ فَمَذْمُومٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِشْمَاتًا بِالْمُسْلِمِ وَكَسْرًا لِقَلْبِهِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني