الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البر بالأم لا يعني السماح لها بالتسلط على الأولاد بدون حق

السؤال

أنا فلسطينية متزوجة من تونسي، ومقيمة بتونس. أريد أن أعرف ضوابط تعامل زوجي مع أمه. في بعض الأحيان أشعر أنه يبالغ لدرجة الفوبيا من العقوق.
أنا يا شيخ داعية لله، ولا أزكي نفسي، أنا الأمة الفقيرة لله، ولكن هناك تصرفات لأمه لا تقبلها الفطرة السليمة. والدة زوجي أذاقتني الأمرين منذ زواجنا من عنصرية تجاهي، ومن قذف، واتهامات، ومكائد، وتحريض على الطلاق من بداية زواجنا. كل ذلك صبرت عليه، ولكن اقتحاماتها لبيت الزوجية دون إذن، وأن تفرض على زوجي ماذا يلبس، وماذا يأكل، وأي ساعة ينام، وأن تعرف أدق تفاصيل حياتنا حتى الحمام اقتحمته على زوجي، وعورته مكشوفة بحجة أنه مسحور.
تريد أن تستبد به وبي في كل صغيرة وكبيرة، وتهدده بالغضب عليه، وللأسف زوجي في بداية زواجنا جرفه خوفه من العقوق ليصارحها بكثير من أمورنا الخاصة، ومشاكلنا، وهذا ما سبب لي صدمة بعدها بشهر من الزواج، حيث اكتشفت أنني حامل، فقررت أن أصبر من أجل طفلي. وجاءت كورونا -ولله الحمد- في السراء والضراء، فأصبح زوجي عاطلاً عن العمل، فبدأت تبتزنا ماديا، وبحجة مساعدتها بالإنفاق علينا بدأت تبعث لنا الخضار، وبعض حاجات البيت، فكانت تخلط طعامي كله بمادة الكلور.
علما أن عندي حساسية مفرطة من هذه المادة، مما يسبب لي مضاعفات خطيرة، ومنعني الطبيب من استخدامها في التنظيف، فكانت تخلط طعامي بها، وأنا حامل، وتعرف أن عندي حساسية، وتقتحم علينا البيت، وتسكب الكلور بالمنزل، مما سبب لي مضاعفات خطيرة في الحمل، وامتنعت عن الطعام أول أربعة شهور، وعشت على الأدوية، وكنت لا أتناول إلا ما هو مغلق، ولم يمسه الكلور، ففقدت من وزني أكثر من 10 كيلو أول الحمل، وكنت أكتب وصيتي كل يوم، ونجاني الله أنا وطفلي، وأنجبت طفلي بعملية جراحية خطيرة، و-الحمد لله- ولد بصحة وعافية. وتفاجأت في النفاس أنها تقتحم البيت مع أختها لتساعدني، وإذا بها تعمل طقوسا سحرية مع أختها؛ بخور، وفحم، وتمتمات بحجة أنها تريد تبخيرنا، وتطرد الشياطين، وأخذت طفلي الرضيع، وحاولت خنقه بالفحم، والبخور، وتغطيسه بالماء، سحبت طفلي من يديها، وشتمتني، وتدخل زوجي، وقال لها: الفحم يؤذي الرضيع.
وعندما دخلت الحمام تركت طفلي نائما، فسمعت بكاءه، فخرجت زاحفة على الأرض من أثر العملية، فوجدت على ساق طفلي دماء، وأثر وخز ودبوس أمه تحت الغطاء. لا أدري هل طفلي تم سحره، وأرقيه كل يوم.
عدا عن ذلك اشتكت ابنها عند الشرطة لمنعه من السفر، وبالقانون التونسي يحق للوالدين الشكوى لمنع الابن من السفر.
أريد الحل الشرعي، أحتاج أن أنقذ طفلي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنّ حق الأمّ على ولدها عظيم، وبرّها وطاعتها في المعروف من أوكد الواجبات، ومن أفضل الطاعات، كما أنّ عقوقها من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب.

لكن ذلك لا يعطي للأمّ الحقّ في التسلط على الولد، والتدخل في كل شؤونه دون ضابط، ولا يجب على الولد أن يطيعها في كل ما تأمره به، وإنما تجب طاعتها في الأمور التي فيها نفع لها، ولا ضرر فيها على الولد، وقد بينا حدود طاعة الوالدين في الفتوى: 76303.

فلا يجوز للولد أن يبرّ أمّه بظلم زوجته، وليس عليه طاعتها إذا أمرته بطلاقها، ولكن عليه أن يجمع بين برّ أمّه وإحسان عشرة زوجته، وراجعي الفتوى: 139282.

ومن حقّ الزوجة على زوجها؛ أن يوفر لها مسكنا مستقلا، لا يشاركها فيه أحد من أهله، وراجعي الفتوى: 389182.

فنصيحتنا لك؛ أن تتفاهمي مع زوجك، وتسأليه أن يوفر لك مسكنا مستقلا، وإذا لم يكن قادرا على توفير مسكن مستقل؛ فعليه أن يرفع عنك وعن ولدك الضرر والإيذاء.

كما ننصحك بالرفق بزوجك، ومراعاة حاله، وعدم تكليفه ما لا يطيقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني