الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم انضباط المسؤولين لا يسوغ لغيرهم تقليدهم

السؤال

أنا عندي 24 سنة، أتوجه إلى فضيلتكم بالسؤال التالي راجياً منكم الإجابة في أسرع وقت ممكن، وجزاكم الله خيراً.
مشكلتي كالتالي: أنا مهندس زراعي أحمل شهادة البكالوريوس في الزراعة، وأعمل في شركة مقاولات تختص بإنشاء وصيانة الطرق والمباني والصرف الصحي أكرمكم الله، وحيث إنني خريج كلية زراعة لا توجد لي حسب تخصصي وظيفة، وعليه فإنني منذ أن عينت فيها لا يوجد لي عمل طوال مدة إلتحاقي بالعمل (5 شهور) سوى الجلوس حتى نهاية الدوام الرسمي، بالرغم من أن المهندسين الآخرين أصحاب التخصص هم أنفسهم قد لا يعملون كثيراً (أي قد لا يجدون ما يقومون به) لأن سياسة الشركة تقوم على استلام العطاءات ومن ثم تقوم بتوزيعها على شركات أخرى لتقوم بتنفيذها (أي تنفيذها بالباطن وكأن الشركة المعنية هي التي تقوم بتنفيذها)، وذلك لعدة أسباب منها ضعف إمكانياتها، وعلى ذلك ولهذا السبب لا يوجد أي عمل أقوم به سوى الجلوس، ونتيجة لبعد المسافة من مقر سكني إلى العمل فإنني لا ألتزم بالحضور يومياً، وإذا حضرت فإنني لا أبقى في العمل سوى مدة قصيرة, ولعدم الإنضباط في الإدارة فإنهم لا يشددون في الحضور والانصراف، وعليه فإنني إذا حضرت أقوم بتوقيع اليوم الذي حضرته وباقي الأيام التي لم أحضر فيها أو أوصي بالتوقيع نيابة عني، مع العلم بأنهم لا يهتمون بالتوقيع للانصراف أبداً وبمن يوجد في الشركة في نهاية الدوام، ولهذه الظروف المحكية آنفاً: أريد منكم إجابتي على هذه التساؤلات:
1- هل يكون الراتب وأنا على الحال الذي وصفت حلالا أم حراماً.
2- إذا كان حلالا، فهل هو كذلك مع كوني لا أقوم بالتوقيع يوميا.
3- هل ما أفعله من توصية زميل بالتوقيع بدلاً مني جائز باعتبار أنه لا يوجد فرق إن وقعت شخصياً أو أوصيت بالتوقيع بدلاً عني.
ملاحظات: لا يقومون بدفع رواتبنا إلا كل (7) أشهر ومرتب شهر واحد فقط، وهذا حال جميع الموظفين، وقت الدوام الرسمي هو من الساعة 7.30 صباحاً إلى الساعة 3 ظهراً، معظم الموظفين ذوي أخلاق سيئة ونظراً لعدم وجود ما يقومون به فإنهم يجلسون للحديث المليء بالفحش والبذاءة طوال الوقت مع كون الاختلاط بهم قد يؤدي إلى التأثر بهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الضابط في مثل هذه المعاملات ما يتم من عقد بين الشركة وبين الأجير الذي يعمل فيها، فما تم الاتفاق عليه في العقد أو اللوائح التي تنظم العمل، فالواجب تنفيذه والرجوع إليه في الحكم على أي تصرف من جهة الجواز وعدمه.

وعلى هذا فما ذكرت مما يتعلق بالحضور والانصراف والتوقيع عن أيام لم تحضر فيها أو توكيل زميلك بالتوقيع عنك، وغير ذلك، فلا يجوز ما لم يكن منصوصاً عليه في العقد أو اللوائح التي تنظم العمل، ولا يحل لك من الكسب إلا ما كان مقابل دوامك الفعلي وما زاد على ذلك فالواجب رده إلى الشركة، واعلم أن عدم الانضباط الإداري أو علم الإدارة بذلك لا يسوغ ما حدث منك، ما لم تكن الإدارة مخولة بذلك من قبل الشركة، وبشرط أن لا يكون في ذلك نوع من المحاباة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6326، 1553، 32588.

وثم بعض التنبيهات على بعض الأمور الواردة في السؤال:

الأول: أن بقاءك في الشركة بدون عمل إذا كان برضا من أصحاب الشركة فلا حرج فيه إن شاء الله، ولكن الأولى أن تبحث عن عمل آخر، ولا سيما في مجال تخصصك إذ أن ذلك يكسبك خبرة في هذا المجال.

الثاني: أن ما أسميته "تنفيذه بالباطن" وهو ما يسمى بالإيجار من الباطن لا حرج فيه إن شاء الله، بشرط عدم الإخلال بما اتفق عليه في العقد، وراجع في هذا الفتوى رقم: 13225.

الثالث: حول نصح هؤلاء الموظفين الذين ذكرت من حالهم ما ذكرت، فالواجب عليك بذل النصح لهم، فقد ثبت في صحيح مسلم عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:الدين النصيحة.

وإن كنت تخشى التأثر بهم فكن منهم على حذر، وإن كنت تخشى على دينك من وجودك معهم بهذه الشركة فاطلب السلامة لدينك، واترك العمل بهذه الشركة، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني