الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جريان الماء على الأعضاء في الطهارة

السؤال

من شروط الطهارة جريان الماء على الأعضاء، وهذا شرط فيه مشقة شديدة، إذا كان المقصود به جريان الماء على كل ملي متر من البشرة، خصوصًا في الغسل، وأذكر أني قرأت في أحد المواقع أن دهن الأعضاء بالماء باليد، لا يجزئ، وإنما يلزم الجريان، وهذا ما يفعله الغالبية من الناس في الوضوء؛ ولهذا ينتهون سريعًا، وجعل الماء يجري يأخذ وقتًا طويلًا إذا أردت التعميم الكلي، هذا بالنسبة للوضوء، أما الغسل فصعب جدًّا، وفيه مشقة كبيرة، وأحتاج 40 دقيقة لإتمام الغسل، وهذا باستخدام (الدش)، وهو يسهّل الأمر، فكيف كان الأمر سهلًا في الماضي، وهم يغرفون باليدين؟ أرجو الرد دون الاقتصار على قول: إن عندي وسواسًا.
ولماذا لا يستطيع أحد تطبيق شرط جريان الماء بشكل كامل؟ فلو أنك وقفت في مغاسل المسجد من بداية دخول وقت الصلاة حتى الإقامة، ورأيت جميع من يتوضأ، فإنك لن تجد شخصًا واحدًا يستطيع أن يجعل الماء يجري على كامل أعضائه بالشكل السليم دون الدهن أو المسح، فهل وضوء الأفاضل صحيح، والخلل من عندي؟ جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ أولًا من حيث انتهيت؛ فإن الأمر سهل جدًّا، والناس يتوضؤون، ووضوؤهم صحيح -ولله الحمد-، وإنما الخلل في استرسالك مع الوسواس، الذي ذكرت أنه عندك.

واعلم أن الغسل لا يتحقق، إلا بجريان الماء على العضو المغسول، وهذا موضع اتفاق بين الفقهاء، قال النووي في روضة الطالبين: يشترط في غسل الأعضاء: ‌جريان ‌الماء ‌على ‌العضو، بلا خلاف. اهـ. وقال في المجموع: أجمع العلماء على أن الجنب لو مسح بدنه بالماء، وكرر ذلك، لا ترتفع جنابته، بل يشترط جري الماء على الأعضاء. اهـ.

وهذا ليس فيه إشكال، وإنما الإشكال في تصورك أنت لهذا الجريان، فليس معناه: أن يستمر سيلان الماء، وتدفقه على العضو المغسول! وإنما معناه إفراغ الماء بحيث ينتقل أو يتحرك على العضو في الغسل، ويحصل الفرق بينه وبين المسح الذي لا يفرغ فيه الماء ولا يتحرك، وإن كان البلل وإيصال الماء يحصل في كل منهما (الغسل، والمسح)، قال السفيري في شرح البخاري، في عدِّ شروط الوضوء: ومنها: ‌جريان ‌الماء ‌على ‌العضو المغسول، فلا يكفي إيصال الماء إلى العضو المغسول من غير جريان، فكم من إنسان عند غسل الوجه مثلًا يمسح وجهه بالماء مسحًا من غير أن يسيل عليه الماء، فهذا وضوء باطل؛ لأن الواجب في الوجه واليدين الغسل، لا المسح، ولا يتميز الغسل عن المسح إلا يجريان الماء. اهـ.

وقال الجصاص في أحكام القرآن: لا يحصل معنى الغسل إلا ‌بجريان ‌الماء ‌على ‌العضو، وانتقاله من موضع إلى موضع؛ فلذلك لم يكن مستعملًا بحصوله من موضع، وانتقاله إلى غيره من ذلك العضو. وأما المسح فلو اقتصر فيه على إمساس الماء الموضع من غير جري، لجاز. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني