الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تطهير الأرض من نجاسة الكلب

السؤال

الحمد لله وبعد، يا شيخ لو وجد الكلب يلعب مثلاً في ساحة الدار الرملية وتبين أن نجاسته الباطنية وقعت على الرمل، فهل نرمي عليها التراب أم لا نرمي لأنها أصلاً هي على التراب، وكيف نسكب الماء سبعاً عليه إذا كان استعمال خرطوم الماء بدلاً من الإبريق، وهل تركها في الشمس يذهب نجاستها وهل هناك نجاسات إذا تركت بالشمس وجفت راحت أم يوجد تفصيل وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رجيع الكلب وبوله نجس بالاتفاق، فإذا أصاب الأرض الترابية فطهارتها تتم بغسلها بالماء سبع مرات عند الشافعية من غير تراب أجنبي.

قال النووي في المجموع: لو تنجست أرض ترابية بنجاسة الكلب كفى الماء وحده سبع مرات من غير تراب أجنبي، على أصح الوجهين إذ لا معنى لتتريب التراب. ا.هـ

وتعتبر الغسلة الواحدة بأن تغمر المحل بالماء مرة واحدة، وذهب الحنابلة في الصحيح عندهم إلى أن النجاسة إذا كانت على الأرض تطهر بزوال عينها أو بمكاثرة الماء عليها، ولا يعتبر العدد، جاء في كشاف القناع: وتطهر أرض متنجسة بمائع كبول أو نجاسة ذات جرم أزيل ذلك عنها، ولو كانت النجاسة من كلب أو خنزير، ويطهر صخر وحيطان وأحواض ونحوها بمكاثرة الماء عليها، أي المذكورات من الأرض والصخر وما عطف عليها.. بحيث يغمرها من غير اعتبار عدد، ولم يبق للنجاسة عين ولا أثر من لون أو ريح، فإن لم يذهبا لم تطهر إن لم يعجز عن إزالتهم أو إزالة أحدهما، قال في المبدع وإن كان مما لا يزال إلا بمشقة تسقط.

وفي الإنصاف قال: الصحيح من المذهب أن النجاسة إذا كانت على الأرض تطهر بالمكاثرة سواء كانت من كلب أو خنزير أو غيرهما، وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم. ا.هـ

وجاء في الفتاوى الهندية في الفقه الحنفي: الأرض إذا تنجست ببول واحتاج الناس إلى غسلها، فإن كانت رخوة يصب الماء عليها وتدلك ثم تنشف بصوف أو خرقة يفعل كذلك ثلاث مرات فتطهر، وإن صب عليها ماء كثير حتى تفرقت النجاسة ولم يبق ريحها ولا لونها، وتركت حتى جفت تطهر. ا.هـ

وأما طهارة الأرض بالجفاف فمختلف فيها عند أهل العلم، فالأحناف ذهبوا إلى أن الأرض تطهر باليبس، جاء في تبيين الحقائق: والأرض باليبس وذهاب أثر النجاسة من اللون والرائحة والطعم فتصح الصلاة عليها دون التيمم. قال في الشرح: لا فرق بين الجفاف بالشمس والنار والريح. ا.هـ

ووافق بعض الحنابلة الحنفية في هذا وإن كان المذهب على خلافه، جاء في الإنصاف: ولا تطهر الأرض النجسة بشمس ولا ريح ولا بجفاف أيضاً، وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول به في المذهب، وقيل تطهر في الكل، اختاره المجد، وصاحب الحاوي والشيخ تقي الدين وغيرهم. ا.هـ

وأما الشافعية فالقول القديم في مذهب الشافعي موافق للأحناف، وقوله الجديد أنها لا تطهر، جاء في المجموع: إذا أصاب الأرض نجاسة ذائبة في موضع فطلعت عليه الشمس وهبت عليه الريح فذهب أثرها ففيه قولان: قال في القديم والاملاء يطهر لأنه لم يبق شيء من النجاسة فهو كما لو غُسل بالماء، وقال في الأم: لا يطهر وهو الأصح لأنه محل نجس فلا يطهر بالشمس كالثوب النجس. ا.هـ

وأما هل يطهر غير الأرض كالثياب بالجفاف أم لا يطهر، فيراجع بشأن ذلك الفتوى رقم: 36980، والفتوى رقم: 40709.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني