الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الستر على النفس من المعاصي

السؤال

أرجوكم أعطوني الحل: هل أكشف سري لزوجي؟
أنا فتاة تزوجت بشخص أكبر مني ب 20 سنة، لم أكن أريده. وفي سنين المراهقة وبسبب تفكيري الغبي، عملت ذنوبا ومعاصي كبيرة بحقه. وهي التكلم مع أشخاص في الفيسبوك، ووضع صوري، ومكالمات فيديو وإرسالها أكثر من مرة.
أنا نادمة أشد الندم. لم أرزق بأطفال من قبل، لكني الآن حامل من زوجي، والله تبت وأصلي صلاتي في وقتها، وأكثر من الاستغفار إلى الله، لكن تأتيني أحلام عن الفضيحة وأني سأكشف عن قريب، مع أن الله سترني إلى الآن. لكن لا أستطيع النوم أو الأكل؛ لأني أذنبت في حقه.
هل أخبره ليتقبل الله مني؟
والله أصبحت نادمة أشد الندم، وخائفة من أن الله لن يغفر لي. أتذكر ذنوبي كالشريط أمامي كل يوم ودقيقة.
هل أغلق باب توبة عني؟ أصبحت أدعو على نفسي بأشد العقاب في صحتي، ولا يفضحني الله، ولا أخزي زوجي أو عائلتي.
كيف يتقبل مني الله؟
أرجوكم، فأنا في حالة نفسية شديدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أنك بما فعلت قد عصيت ربك، وفرطت في حق زوجك، فالمرأة الصالحة تحفظ زوجها حال غيبته، كما قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}.

نقل أهل التفسير عن السدي، وغيره، أنه قال في معنى: حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ {النساء:34}: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله. اهـ.

وقد أحسنت بندمك على ما فات، فاجعلي من هذا الندم توبة نصوحا مستوفية لشروطها، وقد سبق بيان هذه الشروط في الفتوى: 5450.

فبادري إلى التوبة ولا تترددي. والواجب عليك أن تستري نفسك، ولا يلزمك أن تخبري زوجك؛ فالراجح عندنا في التوبة من الحقوق المعنوية، عدم وجوب استحلال صاحب الحق، والاكتفاء بالتوبة فيما بينه وبين الله، وخاصة إذا كان يترتب على الاستحلال مفسدة، وراجعي الفتوى: 18180.

واعلمي أن من تاب، تاب الله عليه، قال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.

وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه.

فأحسني الظن بربك، فهو عند ظن عبده به، ولا تتركي مجالا للشيطان ليوقعك في القنوط من رحمة الله، فهذا باب إلى الضلال عظيم، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.

والواجب عليك الحذر من كل ما يمكن أن يوقعك في تلك المعاصي مرة أخرى، واحرصي على حسن عشرة زوجك.

وفارق السن ليس مانعا للمرأة من القيام بذلك، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة -رضي الله عنها- وهو أكبر منها سنا، وكانت له نعم الزوجة، وكان لها نعم الزوج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني