الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مطالبة الأب ابنَه بثمن التأشيرة واستهلاك الكهرباء

السؤال

أنا مصري أقيم في الكويت، وأخذت ثمن الفيزا من أبي، وكنت أرسل له كل فترة إلى أن زوَّجني هو أيضًا، وأنا -ولله الحمد- أعول أربعة أشخاص -زوجتي، وأولادي-، وأبي يعول أربعة أشخاص -إخوتي-.
أبي عنده أربعة أفدنة من الأرض، كما أنه يستلم معاشًا من وظيفته، قدره خمسة آلاف جنيه تقريبًا، ونحن جميعًا نسكن في منزله المكوّن من شقتين علويتين: إحداهما أسكن فيها أنا، والأخرى يسكن فيها أخي، والبيت ثلاثة قراريط تقريبًا، أو ربما أكثر، وهذا كله ورث من جدّي -رحمه الله-.
أبي يريد مني أن أرسل له أموالًا، ولا يكاد الراتب أن يكفيني أنا وأولادي، وهو يطالبني بثمن الفيزا التي سافرت بها، كما يطالبني أيضًا بثمن الكهرباء؛ ظنًّا منه أن راتبي كبير، فما المفترض عليّ أن أفعله مع والدي؟
علمًا أني لا أستطيع، وبالأمس القريب نقصت على زوجتي النفقة، فأرسلت لها ألف جنيه إلى أن يفرجها الله آخر الشهر، فأخذها منها، وقال لها: إنها ثمن الكهرباء، ولا يوجد في بيتي أي أموال -والله يشهد على كلامي-، وهو يجهّز لأخي بيته المكلف إلى الآن فوق المليون تقريبًا، وقد أرسلت له خلال أيامي الأولى في الكويت، وهو يريد مني الآن سداد الفيزا، فماذا أفعل؟ وهل عدم إرسالي له يعدّ عقوقًا؟ وابني وبنتي يحتاجان إجراء عمليات، كما أن ابني الكبير لضيق الحال لم يختتن إلى الآن، فماذا أفعل مع أبي؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك أقرضك ثمن التأشيرة؛ فمن حقّه مطالبتك بردّه، وعليك الأداء متى كنت قادًرا عليه.

وأمّا إذا كان أعطاك على سبيل الهبة؛ فليس له مطالبتك بالردّ؛ لأنّ من شروط جواز رجوع الوالد في هبته ولده؛ أن تكون العين الموهوبة باقية في ملك الولد، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: للرجوع في هبة الولد شروط أربعة:

أحدها: أن تكون باقية في ملك الابن...

الثاني: أن تكون العين باقية في تصرف الولد...

الثالث: أن لا يتعلق بها رغبة لغير الولد...

الرابع: أن لا تزيد زيادة متصلة... انتهى مختصرًا.

وأما ثمن الكهرباء التي تستهلكها في شقتك؛ فله مطالبتك بها؛ لأنّ نفقتك غير واجبة عليه ما دمت مكتسبًا.

وإذا طالبك بشيء من مالك، ولم يكن محتاجًا إليه؛ فلا يجب عليك أن تعطيه، ولا سيما إذا كنت بحاجة إلى هذا المال للإنفاق على نفسك وأهلك، ولا تأثم بامتناعك من إعطائه ما يريد من المال، لكن عليك برّه، والإحسان إليه؛ فإنّ حقّه عليك عظيم. وراجع الفتوى: 104517.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني