الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تحميل الآمر بالشراء الضرر الفعلي الذي يلحق البنك بسبب تراجعه

السؤال

كنت قد استشرتكم في خصوص معاملة بنك. وقد أجبتموني بثلاث نقاط تحققت منها عند البنك، وكانت النقاط:
هذا النوع من العقود يسمى بالمرابحة للآمر بالشراء، ويمر بثلاث مراحل حتى يتم:
الأولى: أن يقول شخص للمؤسسة، أو للبنك، أو لشخص آخر: اشتر لي هذه البضاعة، وأربحك كذا مثلا، وهذا وعد بالشراء، وليس عقدا ملزما للآمر بالشراء.
والثانية: أن يشتريها المأمور بالشراء من صاحبها، فتدخل في ملكه مباشرة بمجرد إتمام العقد بينهما.
والثالثة: أن يشتريها الآمر بالشراء من المأمور به؛ إما نقدا، وإما تقسيطا بمثل الثمن، أو أقل، أو أكثر على حسب ما يتفقان عليه بعد، وكما ذكرنا سابقا، فليس الآمر ملزما بالشراء، بل إن شاء اشتراها كما وعد، وإن شاء ترك.
ولو اتفقا في بداية المعاملة على أنه ملزم بالشراء لكان ذلك الاتفاق ملغى، والعقد فاسدا؛ لأنهما تعاقدا على ما ليس في ملك البائع منهما، فإذا تم العقد بين الآمر والمأمور بعد حصول السلعة في ملك المأمور؛ فهو عقد صحيح، والمسألة جائزة -إن شاء الله-.
"ومنه تعلم أنه لا حرج في الاتفاق على السعر الذي سيتم به البيع، ولكن لا يجوز أن يقع العقد حتى تكون السلعة في ملك. انتهى.
وقد أجابوني بأن البنك يستجيب لجميع النقاط. بخصوص إلزامية الشراء قالوا بأن البنك لا يلزم الحريف بالشراء، وإذا لم يرد أن يتم العملية، فإنه فقط مطالب فقط بتعويض الضرر الفعلي إن وجد. وهو الفرق بين ثمن شراء العين، وثمن بيعها في السوق. فهل تستقيم هذه المعاملة؟
مع الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمسألة تحميل الآمر بالشراء الضرر الفعلي الذي قد يلحق البنك بسبب تراجعه عن المضي في المعاملة؛ لا حرج فيه.

جاء في كتاب المعايير الشرعية، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: حول الضمانات المتعلقة بالشروع في عملية المرابحة (2/5/1):

2ـ5ـ 3ـ يجوز للمؤسسة في حالة الإلزام بالوعد، أن تأخذ مبلغًا نقديًّا يسمى: هامش الجدية ـ يدفعه العميلُ بطلب من المؤسسة؛ من أجل أن تتأكد من القدرة المالية للعميل، وكذلك لتطمئن على إمكان تعويضها عن الضرر اللاحق بها في حال نكول العميل عن وعده الملزم؛ وبذلك لا تحتاج المؤسسة إلى المطالبة بدفع تعويض الضرر، وإنما تقتطع ذلك من مبلغ هامش الجدية، ولا يعتبر هامش الجدية عربونًا، وهذا المبلغ المقدم لضمان الجدية إما أن يكون أمانة للحفظ لدى المؤسسة، فلا يجوز لها التصرف فيه، أو أن يكون أمانة للاستثمار، بأن يأذن العميل للمؤسسة باستثماره، على أساس المضاربة الشرعية بين العميل والمؤسسة.

2 ـ5 ـ4 ـ لا يجوز للمؤسسة حجز مبلغ: هامش الجدية في حالة نكول العميل عن تنفيذ وعده الملزم، وينحصر حقها في اقتطاع مقدار الضرر الفعلي المتحقق نتيجة النكول، وهو الفرق بين تكلفة السلعة وثمن بيعها لغير الآمر بالشراء، ولا يشمل التعويض ما يسمى بالفرصة الضائعة.

2ـ4 ـ5ـ إذا تم تنفيذ العميل لوعده، وإبرامه لعقد المرابحة للآمر بالشراء، فيجب على المؤسسة إعادة هامش الجدية للعميل، ولا يحق لها استخدامه إلا في حالة النكول، حسب التفصيل في البند 2 ـ5 ـ3.

ويجوز الاتفاق مع العميل عند إبرام عقد المرابحة للآمر بالشراء، على حسم هذا المبلغ من ثمن السلعة. اهـ.

وبهذا يتبين لك أن ما ذكره البنك من كونه قد يطالب الآمر بالشراء بتحمل الضرر الفعلي الذي سيلحقهم بسبب نكوله عن وعده في شراء السلعة التي يشتريها البنك بناء على طلبه ورغبته؛ لا حرج فيه، ولا يؤثر في صحة معاملة المرابحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني