الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في وضع صور ذوات الأرواح ومشاركتها

السؤال

في حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي أرسلت صورا لذوات الأرواح، وأود الآن الأخذ بالأحوط أي العمل بأن صور ذوات الأرواح محرمة مطلقا. فهل يتعين عليّ حذف كل هذه الصور التي قمت بإرسالها، أو نشرها حين كنت أجهل حرمتها؟ أم التوقف عن إرسالها مستقبلا يغنيني؟
وهل يحرم إعادة تغريد أو مشاركة منشور لشخص يضع في ملفه الشخصي، أو صورته الشخصية صورة لذوات الأرواح -إن قلنا بتحريم هذه الصور-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأهم من جواب الأخت السائلة على خصوص ما ذكرت، أن نلفت النظر إلى ضرر التشديد على النفس في غير محل التشديد، وكثرة السؤال الذي يفضي إلى التضييق! فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فدعوه. رواه مسلم.

وروى أبو داود في سننه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تشددوا على أنفسكم؛ فيشدد الله عليكم. فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم. ورواه البخاري في تاريخه بلفظ: لا تشددوا على أنفسكم؛ فإنما هلك من قبلكم بتشديدهم على أنفسهم. وصححه الألباني في الصحيحة.

وقال ابن القيم في «إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان»: نهى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن التشديد في الدين، وذلك بالزيادة على المشروع، وأخبر أن تشديد العبد على نفسه هو السبب لتشديد الله عليه، إما بالقدر، وإما بالشرع. فالتشديد بالشرع: كما يشدد على نفسه بالنذر الثقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقدر كفعل أهل الوسواس. فإنهم شددوا على أنفسهم فشدد عليهم القدر، حتى استحكم ذلك وصار صفة لازمة لهم. اهـ.

ومسألة التصوير بالآلة -كما هو معروف- محل خلاف سائغ بين أهل العلم، ويكون الخلاف أقرب في الصور الرقمية، التي لا واقع لها، وإنما تظهر فقط من خلال الأجهزة الخاصة بها.

فلو أن السائلة أرادت الاحتياط، فتجنبت هذه الصور، فما كانت تحتاج إلى السؤال عما سبق أن وضعته في حساباتها، وإذا احتاجت إلى ذلك، فما حاجتها إلى السؤال عن مشاركة منشور لشخص يضع في ملفه الشخصي، أو صورته الشخصية صورة لذي روح؟! ولاسيما مع عموم البلوى بمثل هذه الصور.

فإذا ذهبت السائلة في هذه الاتجاه من التعمق، وكثرة السؤال؛ فلن تعدم من يقول لها: يجب عليك إزالة ما تعتقدين حرمته مما سبق أن وضعتيه، ويجب عليك ترك ما من شأنه أن يظهر هذه الصور المحرمة: فلا تشاركي منشورا لمن تضع في معرفها صورة لذي روح، ولا تقبلي صداقة لمن كانت كذلك، بل ولا تدخلي على صفحة تجدين فيها مثل هذه الصور!

وهكذا في تسلسل يشق متابعته في مظاهر الحياة المختلفة، في واقع شاعت فيه الصور، وعمت بها البلوى.

ولذلك؛ فنرى أن السائلة يكفيها أن تتجنب هي في نفسها وضع هذه الصور، وما سبق أن وضعته، وتيسر لها حذفه دون مبالغة، ولا مشقة حذفته، ولا تزد على ذلك، لا في الفعل، ولا في السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني