الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقامت علاقة مع شاب ثم خطب غيرها وتعيش في ألم نفسي

السؤال

أنا فتاة في بداية العشرينيات، قبل فترة دخلت في علاقة مع شاب عبر الهاتف، حاولت الابتعاد عن الحرام، ولكن ركض خلفي، وأقنعني بأن نيته الزواج، وفعلا بعد شهور جلب أهله إلينا، ولا أعلم بعدها ماذا حدث، ولكن يبدو أني لم أعجب أهله؛ لأني فتاة عادية الجمال، بقينا نتحدث أسبوعا، ولم أسأله ماذا حدث، قلت ربما يسأل عن عائلتي.
بعد أسبوع قلت له: إن أمي عرفت، وقالت لي أن أتركه، إذا كان يريدك يأتي من الباب، وكان رده: اسمعي كلام أمك، وكانت هذه الصدمة الأولى، كسر قلبي، ولم أعد أطيق النظر حتى للمرآة، ظنا مني بأني بشعة، وحزنت جدا؛ لأني -والله- بنت عائلة محترمة، وفتاة ذات سمعة ممتازة، يعني لا يوجد شيء آخر أوقفهم سوى شكلي، وقلت بعدها إنه نصيب، وأبعده الله؛ لأنه لا خير لي فيه.
ولكني تفاجأت بعدها بفترة أنه خطب زميلة وصديقه لي في الجامعة، وهنا كانت صدمتي الثانية؛ رغم أن الفتاة لا تعرف بعلاقتي السابقة به، ولكني متأكدة بأنه يعلم أني أعرف الفتاة هذه جيدا، فلماذا يذهب ويخطبها؟ هل ليزيد القهر والهمَّ عليَّ، لم يفكر حتى في مشاعري.
سؤالي: أنا رجعت إلى الله، وتبت بإذن الله عن كل ذلك. ولكن هل يحاسب الله من آذى قلب شخص وكسره؟ هل يحاسبه الله عن الألم الذي أعيشه؟ لأني قرأت في بعض الفتاوى أن الرجل في هذه الحالة يكون عف نفسه عن الحرام، واتجه للحلال. فلا يحاسب على هذا.
هل من المعقول كل هذا الألم النفسي الذي عشته لا يحاسب عليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنهنئك على نعمة التوبة إلى الله -عز وجل- من هذه العلاقة الآثمة، فجزاك الله خيرا، ونسأله تعالى أن يقبل توبتك، ويغفر ذنبك، ويرزقك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى، وييسر لك الزوج الصالح، ونوصيك بكثرة الدعاء.

ولا تأسفي أن فات أمر زواجك من هذا الشاب، فما يدريك أن يكون في زواجه منك خير لك، ففوضي أمرك إلى الله، وقد قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

ونوصيك بالاستعانة بالثقات من أقربائك وصديقاتك في البحث عن الزوج الصالح، فهذا مما لا حرج فيه شرعا على المرأة، كما هو مبين في الفتوى: 65295.

ولا إثم على هذا الشاب في كونه قد تزوج من غيرك، فلا يخفى أنه مباح له الزواج من هذه الفتاة، أو من غيرها، وأنه لا يلزمه شرعا الزواج منك، ثم إن ما جرك إلى تعلق قلبك به تلك العلاقة التي كانت بينك وبينه، وهي علاقة قد وقعت فيها باختيارك، فأنت من جنيت على نفسك.

فالذي نوصيك به أن تهوني الأمر على نفسك، وتجتهدي في صرف هذه الخواطر عن قلبك. والألم الذي تجدينه في نفسك قد يكون لفرط الحساسية عندك، وقد لا يكون قد خطر على بال هذا الشاب أنه أراد إيذاءك بخطبته لهذه الفتاة على وجه الخصوص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني