الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المال المستفاد من ارتفاع سعر العملة عند تأخير إخراج الزكاة

السؤال

لدى والدتي زكاة يجب توزيعها، وهي توزعها على مدار السنة لمن يحتاج، والمبلغ بالعملة المحلية، وقد أخذت منها مبلغًا لحاجتي للصرف، وأعطيتها قيمته بالدولار الأمريكي؛ لأنه ثابت أكثر من العملة اللبنانية، أي أني بذلك حفظت قيمة ما أخذته في ذلك الوقت؛ لكيلا تخسر من قيمة الزكاة عندما تكمل دفعها، والعملة الوطنية تنهار يوميًّا.
لذا سؤالي هو بخصوص الدولارات التي معها، لنفترض أن 100$ كانت تساوي مليون ليرة عندما صرفت منها (أعطيتها 100$ وأخذت المليون)، وهي الآن تساوي 2 مليون ليرة، فهل يجب عليها أن ترجع مليون ليرة فقط؛ لأن الزكاة استلمتها بالليرة، أم إنها تصرف الدولار وترجعه بقيمته الآن -أي: 2 مليون ليرة-؛ لأن قيمتها كانت مختلفة عندما صرفته، ويجب المحافظة على قيمة المال؟ شكرًا لكم، وبارك الله بكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا عن سؤالك يتلخص فيما يلي:

1) إخراج الزكاة واجب على الفور؛ فلا يجوز إخراجها على أقساط، أو مراحل خلال السنة.

فقولك: "إن والدتك توزّع المبلغ على المحتاجين على مدار السنة"، هذا لا يجوز، بل الواجب عليها إخراجها كلها فورًا، ودفعها إلى مستحقيها. وانظر الفتوى: 339748 في حكم إخراج الزكاة مقسطة قبل وبعد وجوبها، والفتوى: 27006 في بيان مصارف الزكاة.

2) تصريف شيء من مال الزكاة من الليرة إلى الدولار قبل دفعها لمستحقيها، لا حرج فيه؛ لأنه لا يزال في ملك أمّك؛ بدليل أنه يلزمها ضمان مال الزكاة لو تلف قبل قبض الفقير له، ويجوز لها العودة فيه إلى غيره من النقود أيضًا؛ لأنه لا يتعيّن، قال إبراهيم بن مفلح -الحنبلي- في المبدع شرح المقنع: إِذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ، فَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ، لَزِمَهُ عِوَضُهَا، كَمَا قَبْلَ الْعَزْلِ؛ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا. لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ فِيهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُسْتَحِقُّ. اهـ.

3) الدولارات التي قبضتها منك أمّك مقابل الليرة، خرجت عن ملكك، ولا علاقة لك بها، سواء نقصت قيمة الليرة عن الدولار أم زادت، وإنما ينظر في تلك الزيادة هل هي لأمّك أو لمصارف الزكاة على اعتبار أنها ربح في مال الزكاة؟

وما دام أننا قد حكمنا أن المال لا يزال ملكًا لأمّك قبل إخراجه؛ فإن تلك الزيادة الحاصلة بسبب زيادة سعر صرف الدولار هي لأمّك. وانظر الفتوى: 374812 فيمن أخّر الزكاة ثم نما المال، فهل للفقراء حظ من الربح؟

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني