الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عجز وتقصير الزوج لا يرفع الملامة عن المرأة إذا وقعت في الفاحشة

السؤال

في إحدى الفتاوى أخبرت المرأة أن زوجها لا يوفيها حاجتها من الجماع، فنصحتموها بالصبر، فصدمت من الجواب؛ فغاية الزواج هو العفّة لكلا الطرفين، فإن كان أحدهما مقصرًّا في تحقيق العفّة للطرف الآخر، أليست هذه مشكلة تستحقّ الحلّ، وليس الصبر!؟ ومن يلوم تلك الفتاة إذا وقعت في الحرام -لا سمح الله-؟ ألم تتزوجه حتى تكفي نفسها؟
وهي بهذا لم تأخذ حقّها الشرعي، ولو كانت الزوجة لا تكفي زوجها، لقلتم: إن بها مشكلة، وإن من الواجب عليها أن تكفي زوجها، أو لقلتم: تزوج بأخرى، فلماذا على المرأة أن تصبر على تقصير الزوج في أمر حساس كهذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم تذكري لنا على وجه التحديد الفتوى التي أوردنا فيه ما ذكرت بالسؤال، وإننا في مركز الفتوى ننطلق في الإجابة عن الأسئلة التي تردّ إلينا بناء على الأسس التي بيّنها الفقهاء في آداب الفتوى، واستنادها على الأدلة الشرعية، ومراعاة الأحوال، والمقاصد الشرعية، ولا ننطلق في ذلك عن هوى، أو محاباة للرجل على حساب المرأة، أو العكس.

وقد بينا في كثير من فتاوانا أن الوطء من أعظم حقوق الزوجة على زوجها، وأنه أعظم من حاجتها للطعام، والشراب، وأن الواجب عليه أن يعفّها، فيمكنك مطالعة الفتوى: 303766، 29158.

وقد أوضحنا فيهما أن المرأة إذا كانت متضررة من بقائها مع زوجها؛ لكونه لا يعفّها، فمن حقّها أن تطلب الطلاق، وأن ترفع أمرها للقضاء؛ ليرفع عنها الضرر.

وقد لا تؤمر المرأة بالصبر على البقاء في كل حال، بل يكون ذلك في حال دون حال؛ وذلك لأن الطلاق قد لا يكون الأصلح للمرأة دومًا، بل يكون أصلح حينًا، ويكون الأصلح خلافه في حين آخر.

وأما القول بأنها لا تلام عند الإقدام على الفاحشة؛ بسبب تقصير زوجها، فقول لا يقرّه الشرع؛ لأنه حرّم الفواحش بكل حال، وهو أيضًا قول لا يذهب إليه عاقل؛ فأيّ مصلحة للمرأة في لذّة تعقبها ندامة الدهر، وأي مصلحة لها في فعل تشين به سمعتها، وسمعة عائلتها، وتدنّس به عرضها، وقد تنسب بسببه إلى زوجها من الولد من ليس منه؟!

ومن هنا نعلم أن الحياة الزوجية أمر كبير، ومعنى عظيم؛ ولذلك كان الزواج شعيرة من الشعائر العظيمة، وآية من آيات الله في خلقه، قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

فلا ينبغي أن يختزل الزواج في جانب دون آخر، أو ينظر فيه إلى معنى مع إهمال غيره من المعاني، وإلى هذا أشار عمر -رضي الله عنه- حين قال لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكنّ، ولتجمل؛ فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب، والإسلام. أورده علاء الدين علي المتقي في كنز العمال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني