الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الشرب

السؤال

هل تجوز الصلاة على النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- قبل شرب الماء، بنية أن أشرب من يده الشريفة عند الحوض. أم هي بدعة ولا يجوز ذلك؟
وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قربة من أعظم القرب، ولكن السنة قد جاءت بذكر مخصوص عند الشرب، وهو ذكر اسم الله تعالى، فلا نتعدى ذلك، بل نلتزم به من غير زيادة عليه؛ لأن الزيادة حينئذ نقصان في الحقيقة؛ لما فيها من مخالفة السنة.

ولذلك لما ‌عطس رجل ‌إلى ‌جنب ‌ابن ‌عمر، فقال: الحمد لله، والسلام على رسول الله. قال له ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والسلام على رسول الله. وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال. رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني.

قال القاري في مرقاة المفاتيح: (قال ابن عمر: وأنا أقول) أي: كما تقول أيضا (الحمد لله، والسلام على رسول الله) لأنهما ذكران شريفان، كل أحد مأمور بهما، لكن لكل مقام مقال، وهذا معنى قوله: (وليس هكذا) أي: ليس الأدب المأمور المندوب هكذا بأن يضم السلام مع الحمد عند العطسة، بل الأدب متابعة الأمر من غير زيادة ونقصان من تلقاء النفس إلا بقياس جلي (علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نقول: الحمد لله على كل حال): فالزيادة المطلوبة إنما هي المتعلقة بالحمدلة سواء ورد أو لا. وأما زيادة ذكر آخر بطريق الضم إليه، فغير مستحسن؛ لأن من سمع ربما يتوهم أنه من جملة المأمورات .. اهـ.
وقال عبد الحق الدهلوي في لمعات التنقيح: (ولكن) ليس المسنون في هذه الحال هذا القول، وإنما الذي علمنا فيها (أن نقول: الحمد للَّه على كل حال) فقط من غير زيادة سلام، فنبّه على أنه ينبغي في الذكر والدعاء الاقتصار على المأثور من غير أن يزاد أو ينقص، فالزيادة في مثله نقصان في الحقيقة. اهـ.

وقال السيوطي في الحاوي: العطاس ورد فيه ذكر يخصه، فالعدول إلى غيره أو الزيادة فيه، عدول عن المشروع وزيادة عليه، وذلك بدعة ومذموم. فلما كان الوارد في العطاس الحمد فقط، كان ضم السلام إليه من الزيادة في الأذكار، وذلك متفق على ذمه. وقد نهى الفقهاء عن الصلاة عليه عند الذبح؛ لأنه زيادة على ما ورد من التسمية. اهـ.

وكذلك الوارد عند الشرب هو التسمية.

قال السخاوي في «القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع»: وقد عد جماعة من العلماء المواطن التي يفرد ذكر الله تعالى فيها، فذكروا منها: الأكل والشرب، والوقاع والعطاس، ونحو ذلك مما لم ترد السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وجاء في (جلاء الأفهام) لابن القيم: والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، فلكل ذكر موطن يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه. قالوا: ولهذا لا تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الركوع ولا السجود، ولا قيام الاعتدال من الركوع .. اهـ.

ثم نقول للأخت السائلة: إن الطريقة التي ذكرتها لو كانت تُحصِّل هذا الغرض الشريف، لعلمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولسبقنا إليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم. فعلينا بالاتباع ولنحذر من الابتداع، فقد كفينا.

ولتكثر السائلة من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم إكثارا مطلقا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولى الناس بي يوم القيامة، ‌أكثرهم ‌عليَّ ‌صلاة. رواه الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني