الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهداء السيارة للقريب إذا خُشِي أن يذهب بها للأماكن المحرمة

السؤال

قرأت في موقعكم أنه إذا غلب على الظن أن الهدية لشخص سوف تستعمل في الحرام؛ لم يجز إهداؤها، فلو أردت إهداء أحد أقاربي سيارةً، وعلمت أن معظم رحلاته في أمور مباحة، وغلب على ظني أنها سوف تستعمل في أمور محرمة - كالذهاب إلى الملاهي، أو الشواطئ مثلًا-، فهل يجوز لي إهداء سيارة له لو غلب على ظني استعمالها فيما لا يرضي الله أحيانًا؟
ولو أردت بناء مطبخ جديد لإحدى محارمي، وغلب على ظني أنها سوف تستعمل المطبخ في أمور محرمة أحيانًا -كطبخ الطعام في المناسبات البدعية، والاحتفال بعيد الميلاد-، فهل أمتنع من هذه الهدية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك إهداء سيارة لقريبك، ما دام الأصل أنّه يستعملها في أمور مباحة، والذهاب إلى الملاهي، أو الشواطئ؛ ليس بالضرورة محرمًا.

لكن على فرض تحريمه، أو أنّ القريب يستعمل السيارة أحيانًا في أمور محرمة؛ فهذا لا يمنع من إهدائه؛ لأنّ الحكم للغالب، قال الشوكاني -رحمه الله-: الظاهرُ من الأدلة تحريمُ بيع كلّ شيء انحصرتْ منفعتهُ في محرم، لا يُقصد به إلا ذلك المحرّم، أو لم ينحصِرْ، ولكنه كان الغالب الانتفاع به في محرم، أو لم يكن الغالب ذلك، ولكنه وقع البيعُ لقصد الانتفاع به في أمر محرم، فما كان على أحد هذه الثلاث الصور؛ كان بيعه محرمًا، وما كان خارجًا عنها؛ كان بيعه حلالًا. انتهى من الفتح الرباني.

وبذلك يظهر لك أنّ بناء المطبخ لقريبتك جائز، لا حرج فيه؛ والإعانة على الحرام إذا كانت غير مقصودة، ولا مباشرة؛ لم تكن محرمة؛ وفق ما بينا في الفتوى: 312091.

ونخشى أن يكون ما ذكرته في سؤالك ضربًا من الوسوسة، أو التعمّق المذموم؛ فاحذر من الوسوسة، والتشديد في غير محلّه؛ فإنّه يوقع في الحرج، ويضرّ ولا ينفع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني