الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق الزوجة الثانية تحت ضغط الأهل والزوجة الأولى

السؤال

أنا متزوج، ولي بنين وبنات، وتزوّجت امرأة أخرى، ودخلت بها دون علم أهلي وزوجتي الأولى، وبعدها أخبرت زوجتي بزواجي الثاني، فحاربني كل أهلي، وإخواني، وأخواتي، وعشيرة زوجتي حربًا لا يعلمها إلا الله؛ لأن أخواتي الاثنتين متزوجتان من إخوان زوجتي الأولى.
والذي حصل أن زوجتي الأولى تركت أولادي، وبيتي، وذهبت إلى بيت أهلها، وطرد إخوان زوجتي أخواتي من بيوتهنّ مع أطفالهنّ، وجاؤوا جميعهم إلى بيت أمّي، وفسدت العلاقات الأسرية، وحدثت مشاكل لا حصر لها؛ وأخواتي أصبحن يقلن لي: أنت السبب في خراب بيوتنا، ودمار عوائلنا، وتشرّد أطفالنا، وأنا لا أستطيع أن أسرد ما حصل بالتفصيل، ولكن الله من فوق سبع سماوات شاهد، وسمع ما حصل عليَّ من ضغوط كي أطلق الزوجة الثانية، وقسم من الناس نالوا من عرضي -سامحهم الله تعالى-.
ومع كل هذا الإكراه الذي حصل، كنت متمسكًا بزوجتي الثانية؛ لأني أحبّها، ولا أريد طلاقها، إلى أن وصل الحال أن أحد إخواني هدّد، وقال لي: سأذهب إلى بيت أهل الزوجة الثانية، وسأحرق بيتهم، وهذا كناية أنه سيذهب للشجار والعراك مع أهل الزوجة الثانية، وهو صادق في كلامه، وقادر على فعل ذلك، وأنا لا أستطيع ردعه عن هذا الأمر؛ كوني بعيدًا عن المدينة التي يسكن فيها أهل زوجتي الثانية؛ لذلك قلت له: قف مكانك، فسأطلق زوجتي الثانية.
وحصل مني الطلاق مرغمًا ومكرهًا عليه إرغامًا وإكراهًا شديدًا، والله على ما أقول شهيد.
وأنا أشعر بالظلم الذي وقع على زوجتي الثانية؛ فلو أنهم قطعوا مني يدًا أو رجلًا لكان أهون عليّ من طلاقها، والله وحده رآني كم بكيت بحرقة بسبب الشعور بالظلم الذي وقع عليّ، وعلى الزوجة المسكينة، وأنا في الخمسين من عمري.
قمت بمراجعة أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وفضّلت أن أستشيركم -جزاكم الله خير الجزاء-، وأريد أن أبيّن لكم أن القوم أكرهوني إكراهًا شديدًا فقط من أجل المال والمصالح، فهل هذا الطلاق واقع أم غير واقع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن صحّ ما ذكرت من قيام أهلك وأهل زوجتك بالضغط عليك على الحال المذكور؛ لتطلّق زوجتك الثانية؛ فإنهم قد أساؤوا بذلك، وأخطؤوا خطأ بيِّنًا؛ فالشرع قد أباح التعدد لمن كان قادرًا على العدل بين الزوجات، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، وفي ذلك كثير من الحكم الجليلة، والفوائد العظيمة، وسبق لنا ذكر بعضها في الفتوى: 71992، والفتوى: 2286.

والطلاق الذي أوقعته على زوجتك معتبر؛ فليس هنالك ما يمنع نفوذه -فيما يظهر لنا-، ومجرد الضغط الذي تعرّضت له، لا يعتبر إكراهًا شرعًا يمتنع معه وقوع الطلاق، وكذا ما توعّد به أخوك من إثارة المشاكل مع أهل زوجتك.

ولمعرفة ضابط الإكراه المعتبر، راجع الفتوى: 24683.

وما دام أهلك على هذا التعنّت في أمر هذه الزوجة الثانية؛ فنصيحتنا لك أن تصرف النظر عنها؛ لتجتنب أسباب النزاع، ولتحافظ على أسرتك مستقرة.

وكذلك الحال بالنسبة لأسر أخواتك، ولعل الله سبحانه ييسر لهذه المرأة غيرك، فيتزوجها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني