الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موافقة المرأة زوجها على الطلاق والاستخارة في الإقدام عليه

السؤال

زوجي مُصِرٌّ على الطلاق، ولا يريد الاستمرار رغم محاولاتي، ورفضي للفراق، وقد رفع دعوى طلاق في المحكمة، إلا أن الدعوى في بلدي تأخذ وقتًا طويلًا في المحكمة، وتزيد النزاع بين الطرفين، خاصة في وجود الأبناء، إن كانت من طرف واحد، وكان الطرف الآخر رافضًا للطلاق، وزوجي يقول لي: لنتطلق بالتراضي؛ فهذا يأخذ وقتًا أقل، فهل أكون آثمة كالتي تسأل زوجها الطلاق إن وافقته، وتطلّقت منه بالتراضي؟ علمًا أني رافضة تمامًا لفراقه، وأتألّم، وبيننا طفلة، وهل يجوز لي الاستخارة في الإقدام أو عدم الإقدام على هذا الطلاق الاتفاقي، أم إنه ليس من حقي أن أستخير في هذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان حالك ما ذكرت من رفضك للطلاق؛ فلا تأثمين بالموافقة على ما يرغب فيه زوجك من الطلاق، ولا تكونين آثمة بذلك؛ فالحديث الوارد في النهي عن سؤال المرأة زوجها الطلاق، والوعيد الوارد فيه؛ المقصود به من تسأل زوجها الطلاق ابتداء، وليس لها مسوّغ شرعي يدعوها لذلك.

ونعني به حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

قال المباركفوري: قوله: (من غير بأس) أي: من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة. اهـ. وهذا فيما يتعلق بسؤالك الأول.

وأما السؤال الثاني، فجوابه: أن لا حرج عليك شرعًا في الاستخارة في الإقدام على الطلاق التوافقي، أو عدم الإقدام عليه؛ فالاستخارة مشروعة في كل أمر مباح، لا يدري المسلم وجه الخير فيه، جاء في حاشية البجيرمي: والاستخارة تكون في غير الواجب، والمستحب؛ فلا يستخار في فعلهما, والحرام، والمكروه؛ فلا يستخار في تركهما، فانحصرت في المباح، أو المستحبّ، إذا تعارض فيه أمران أيهما يبدأ به، أو يقتصر عليه. اهـ.

وأنت لك الحق في الموافقة على هذا الطلاق التوافقي، أو عدم الموافقة عليه.

وننصح باللجوء للحوار بينك وبين زوجك، وتوسيط أهل الخير والعقلاء من أهلك وأهل زوجك؛ للعمل على الصلح؛ فالصلح خير، كما أخبر رب العالمين في محكم كتابه.

هذا مع الاستعانة بالدعاء، وسؤال الله التوفيق، عسى الله سبحانه أن يحقّق الصلح، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ الله كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني