الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تريد الطلاق لتتزوج بالحلال من غير ولي برجل تحبه وجامعته

السؤال

ما حكم المرأة التي تترك زوجها وتتزوج برجل آخر؛ لأنها تحبه، وقد جامعتهُ مرة واحدة فقط. مع العلم أن المرأة تابت توبة نصوحا، وتريد أن تستر نفسها مع الشخص الذي كشفت عليه، وهو قابل للزواج منها، وقد تاب عن فعلتهِ، ويريدها بالحلال رغم أن كلا منهما في دولة، ولكن قال إنه يستطيع أن يأتيها ويتزوجها بالحلال، ويستر نفسهُ ويسترها.
قالت المرأة إنها تريد أن تطلق وتقضي عدتها، وتتزوج من الشاب على سنة الله ورسوله. المرأة ملتزمة بدينها، ولكن غلطت غلطا كبيرا وتابت عنه.
هل توجد كفارة عن ذلك غير الرجم؛ لكي لا يعلم زوجها وأهلها ويذبحونها؛ فأهلها متشددون في العادات والتقاليد بأن إذا المرأة ارتكبت ذنبا لا بد أن تتعذب أو تقتل؟
وهل يجوز للمرأة أن تتزوج دون ولي أمر؛ لأن أهلها إذا علموا سيعاقبونها على فعلتها، ولن يزوجوها لأحد؟
لو سمحتم أريد الجواب عاجلاً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود بالسؤال أنها تزوجت من آخر وهي في عصمة زوجها، فهذا الزواج الثاني باطل.

قال ابن قدامة في المغني: فأما الأنكحة الباطلة كنكاح المرأة المزوجة، أو المعتدة أو شبهه، فإذا علما الحل والتحريم فهما زانيان وعليهما الحد، ولا يلحق النسب به. اهـ.

وبناء عليه، فهما زانيان إن أقدما على ما أقدما عليه، مع العلم بتحريمه.

وقد أحسنت هذه المرأة بتوبتها إلى الله -عز وجل-، وهذا كافٍ، وليس عليها كفارة مخصوصة، وعليها أن تستر على نفسها وتستتر بستر الله تعالى، وراجعي الفتوى: 1095.

ولا يجوز لها طلب الطلاق من زوجها لمجرد رغبتها في الزواج من آخر، فليس ذلك بمسوغ شرعي.

روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة.

وإن أبغضت زوجها وخشيت أن تفرط في حقه، فلها الحق في طلب الخلع، فيطلقها زوجها في مقابل عوض تدفعه إليه.

روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنها، وعنه- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة".

ونصيحتنا لها أن تتقي الله وتصبر، وخاصة إن كانت قد رزقت الأولاد، ففراق الأبوين له آثاره السلبية على الأولاد.

وإن أصرت على الخلع، وتم الخلع وانقضت عدتها، جاز لها الزواج من هذا الرجل إن صلح حاله واستقامت سيرته، ولا ننصحها بالزواج منه إن لم يتب إلى ربه -عز وجل-.

هذا مع التنبيه إلى أنه إذا كان مخببا لهذه المرأة -أي مفسدا لها على زوجها- لا يحل له الزواج منها عند بعض أهل العلم، معاملةً له بنقيض قصده، والجمهور على خلاف ذلك، وأن زواجه منها جائز.

ولا يحل لها أن تتزوج بغير إذن وليها؛ لأن الولي شرط لصحة الزواج، على الراجح من أقوال الفقهاء.

والدليل على ذلك ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل.

وكما ذكرنا سابقا أن الواجب عليها أن تستر على نفسها فلا تخبر أهلها بما حدث منها مع الرجل، وبهذا فلن تكون معاقبة أهلها لها واردة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني