الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء فيمن شعر بخروج المني فمنعه من الخروج

السؤال

أنا مدمن للعادة السرية، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وأحاول الإقلاع عنهما، ولكن أحيانا يحدث لي زلات، فأشاهد مشاهد مثيرة، أو إباحية، فيتحرك المني، وأحاول ألا أخرجه كي لا أقع في ذنب العادة السرية. ولي سؤالان:  
1) معظم الأطباء يحذرون من احتباس المني لما له من مشاكل صحية. فهل فعلي للعادة السرية في هذا الوقت أشد سوءًا من حبس المني؟ 
2) هل تحرك المني بداخلي، وحبسه دون إخراجه يوجب عليَّ الغسل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أولا المبادرة للتوبة النصوح، فمشاهدة الأفلام الإباحية من الأمور المنكرة، وراجع الفتويين: 3605، 440863.

والاستمناء محرم، وقد يترتب عليه كثير من الأضرار الدينية والصحية، وسبق بيان بعضها في الفتوى: 7170.

ولا تسوف في أمر التوبة فتؤخرها، فقد يستغل الشيطان ما تقوم به من مشاهدة الأفلام الإباحية، فيقودك بذلك إلى إتيان الفاحشة، فإنه يقود ابن آدم إلى ذلك، ويستدرجه من خلال هذه الوسائل، ولذا جاء الشرع الحكيم بتحريم مثل هذه الوسائل، قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.

وقال السعدي في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. اهـ.

وثبت في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة. فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.

وقد أرشدناك إلى التوبة؛ لكونها واجبة على الفور دون تأخير، ولأنك إذا وفقك الله إليها نلت رضاه سبحانه، وأمكنك الحيلولة دون حصول ما تسأل عنه من احتباس المني، فتكون بذلك قد حسمت الأمر من أصله.

وهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم الاغتسال لانتقال المني دون خروجه، وأكثر أهل العلم على عدم الوجوب وهو الراجح، وذهب الحنابلة في المشهور عنهم إلى الوجوب، وهو الأحوط.

قال ابن قدامة في المغني: فإن أحس بانتقال المني عند الشهوة، فأمسك ذكره، فلم يخرج؛ فلا غسل عليه في ظاهر قول الخرقي، وإحدى الروايتين عن أحمد، وقول أكثر الفقهاء، والمشهور عن أحمد وجوب الغسل... اهـ.

وقد رجح ابن قدامة قول الأكثرين، وبيَّن ذلك بقوله: ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علق الاغتسال على الرؤية وفضخه بقوله:[ إذا رأيت الماء وإذا فضخت الماء فاغتسل ] فلا يثبت الحكم بدونه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني