الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بالموالاة بين الوضوء والصلاة لمن يتوضأ لاستباحة الصلاة

السؤال

ما المقصود بالموالاة بين الوضوء والصلاة لمن يتوضأ لاستباحة الصلاة؟ أرجوكم الإجابة بالتفصيل وذكر أقوال العلماء خاصة الشافعية؛ لأني فتاة أصابتني إفرازات غير منتظمة في وقت خروجها. وأتوضأ لكل وقت صلاة بنية الاستباحة، لا رفع الحدث. هل صحيح ما فعلت؟ وهل أنا بهذه الإفرازات غير المنتظمة أكون مستحقة لأخذ القول بأنني مصابة بالسلس؟ وهل أيضا أكون مستحقة للأخذ بقول الإمام مالك. كما في رقم الفتوى: 14125. أم لا؟
ولما قرأت في موقعكم هذا أن الموالاة واجبة بين الوضوء والصلاة، أشعر بأني أشد لنفسي، وكلما أفعل شيئا يسيرا لا يتجاوز خمس دقائق كما تيقنت، أشعر أنها ناقضة لوضوئي؛ لانها قطع للموالاة.
وسؤالي: هل يجوز مني بعد أن أتوضأ أن أغلق الباب الذي فتحته لما أدخل الغرفة للصلاة؟ وهل يجوز لي أن أنشر المنشفة، وأضع الأشياء في مكانها، بدلا من أن أتركها في الحمام؛ لأني أحيانا أستحم قبل أن أتوضأ، وعادة الناس لما تخرج يضعون بضائعهم في مكانها خارج الحمام، ولا يتركونها للمحافظة على تنظيم الحمام. (أنا طالبة، وساكنة في سكن الطالبات). هل كل هذا يعتبر قطعا، وإخلالا بالموالاة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نفتي به أن صاحب الحدث الدائم يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل، حتى يخرج ذلك الوقت، ولا تجب الموالاة بين الوضوء وبين الصلاة، وهو مذهب الحنابلة والحنفية، وتنظر الفتوى: 119395.

ولا حرج كذلك في العمل بمذهب المالكية، وهو أن الحدث الدائم لا ينقض الوضوء أصلا، فهو قول قوي متجه، كما بيناه في الفتوى: 141250.

وبهذا يزول ما عندك من إشكال -والحمد لله-

وأما الشافعية؛ فإنهم يوجبون الموالاة بين فعل الفرض والوضوء، فتتوضأ وتصلي مباشرة، إلا أنها إن أخرت لمصلحة الصلاة لم يضر.

جاء في مغني المحتاج للخطيب الشربيني: (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَتَوَضَّأُ) وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ، أَوْ بِبَدَلِهِ عَقِبَ الِاحْتِيَاطِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى، وَيَكُونُ ذَلِكَ (وَقْتَ الصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَلَا تَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْأَوْقَاتِ فِي بَابِهِ، فَيَجِيءُ هُنَا جَمِيعُ مَا سَبَقَ ثَمَّ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ، فَلَا تَتَوَضَّأُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ نَوَافِلَ بِوُضُوءٍ كَمَا قِيلَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ (وَ) بَعْدَ مَا ذُكِرَ (تُبَادِرُ بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ وُجُوبًا تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْهُ بِالْمُبَادَرَةِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ السَّلِيمِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ. أَمَّا غَيْرُ السَّلِيمِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا هُنَا (فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسَتْرٍ) لِعَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ وَذَهَابٍ إلَى مَسْجِدٍ وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ بِذَلِكَ مُقَصِّرَةً. انتهى.

والحاصل أنك -والحال ما ذكر- مصابة بالسلس كما بيناه في الفتوى: 136434، والواجب عليك هو الوضوء بعد دخول وقت الصلاة على ما نفتي به، ولا حرج عليك في العمل بقول المالكية، وعلى مذهب الشافعية؛ فإن غلق الباب ونحوه من الأفعال اليسيرة جدا لا يخل بالموالاة، وكذا ما كان لمصلحة الصلاة؛ كتحصيل سترة، واجتهاد في قبلة على ما مَرَّ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني