الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مؤخر الصداق حق للزوجة لا يسقط إلا إذا أسقطته

السؤال

لي قريبة تزوجت، والزوج لم يقل إنه مريض بثنائي القطب إلا بعد عقد القران بأشهر. وهي لم تكن تفهم معنى المرض، وبعد زواجهم -ومثل أي زوجين- تحدث خلافات لاختلاف الطباع بينهما، ثم يتصالحان.
ولكن ما كان يثير غضب قريبتي أنه يخرج طول الوقت، وكان يعاملها كمجرد خادمة بالمنزل. هو يخرج ويعيش حياته كأنه عزابي، ويأتي للمنزل فقط للمعاشرة، أو لتلبية حاجياته.
وفي أي خلاف يهددها بالطلاق، أو عدم الإنجاب حتى إنه كان يشتري موانع له، ومرة شك فيها، وطلب تفتيش هاتفها. وتفاقمت المشاكل بسبب قلة احترام الزوج، وأنه همه نفسه، وحاولت النقاش معه دون فائدة.
مع العلم أنها لا تكلفه شيئا غير ضروريات المنزل، وأهلها يتكفلون بالمصاريف الخاصة بها.
وكان الزوج يحاول أن يوهم الزوجة أنها مريضة، وقد دخلت في حالة اكتئاب لظنها أنها تتوهم، وأنها تكفر العشير، ولكن هي كل همها لماذا يعاملها هو وأهله هكذا؟
هذا غير أنه في مرات يعنفها في الفراش وتصمت؛ لكي لا تغضبه، أو يقول لها تلعنك الملائكة. ففي مرة من المرات احتد النقاش بينهما، وهي بلا وعي منها مدت يدها عليه. وهو أضخم منها، ولكنه دافع عن نفسه ودفعها، وأيضا أمسكها من رقبتها، وتصالحا بعدها.
بعدها بفترة احتد الجدال مرة ثانية، حيث إنه كان يكلمها بأسلوب قليل الاحترام، ولم يصلح شيئا، ففقدت الزوجة السيطرة، وضربته مثل السابق،
والزوج كلم أهله، وحكموا بالطلاق.
ووالدها بعد محاولته لتهدئة الأمر والصلح قال: أرسلوها، فلم يعجبهم ذلك؛ لأنهم لا يريدون دفع التذكرة. وبعد ذلك حاول الزوج الصلح مع الزوجة على مضض؛ لأنه يعرف أنها ستسافر لأهلها على حسابهم بعد فترة لقضاء إجازة.
بعدها بشهرين كان سفر الزوجة، وتعمد الزوج استفزازها مرة أخرى بنفس الحركات؛ لكي يجعلها تتصرف تصرفا سيئا. ففي مرة تجادلت معه على هذا الشيء وهو دفعها وقال: لا تكلميني. واحتد النقاش وذهب، وحبس نفسه بالغرفة، وأغلق على نفسه، وحاولت أن تتحدث معه وتركته يهدأ، ثم عادت لتتحدث معه، فقال إنه لا يريد، وكان يهددها أنه لن يكمل معها. وقال: أنت تضربينني.
فبعدها ذهبت لتجرح نفسها لتعاقب نفسها؛ لأنه يراها مؤذية، وحاولت المصالحة، حتى إنه عاشرها قبل السفر، ولكن بعد أن سافرت اتصل بوالدها، وقال إنه لا يريدها. وحاول أهلها الصلح، ورفض أهله، ولا يريدون أن يعطوها أغراضها ولا المؤخر، ويهددون بعدم إعطائها الورقة وأغراضها إلا بالتنازل. وتكلموا عليها، وشهروا بها. تجاهلت تفاصيل عن سوء عشرة الزوج وأهله.
فهل فعلا من حق الزوج إسقاط حق الزوجة في المؤخر والنفقة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا حدث نزاع بين الزوجين في مثل هذه الأمور وغيرها، فالمرجع للمحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين في البلاد غير الإسلامية.

وعلى أي حال، فإن مؤخر الصداق حق للزوجة لا يسقط عن الزوج إلا إذا أسقطته الزوجة برضاها، سواء كان إسقاطها له في مقابل طلاقها أم لا، قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}. وثبت في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

وكذلك الحال بالنسبة للنفقة فهي حق للزوجة على الزوج، فلا يجوز له منعها منها لغير مسوغ شرعي كالنشوز مثلا، فالناشز تسقط نفقتها إن لم تكن حاملا، كما هو مبين في الفتوى: 292666.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني