الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تهديد الأخت أخاها بالانتحار إن لم يوافق على زواجها من رجل مفرّط في الصلاة

السؤال

أختي ستنتحر إن لم تتزوج من الرجل المتقطّع في الصلاة، وأمّي ستمرض؛ لأنها أرسلت أثاثها هناك، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي ننصح به أولًا بذل النصح لهذا الرجل، وبيان خطورة ما هو فيه من تفريط في الصلاة، وعدم المحافظة أو المداومة عليها، وأن من أهل العلم من ذهب إلى أن من أخرج صلاة واحدة عن وقتها، أنه يكفر بذلك كفرًا يخرجه عن ملة الإسلام، وخالفهم جمهور الفقهاء، فلم يروا خروجه من الإسلام، وتراجع الفتوى: 122448.

وعلى كل تقدير؛ فيكفي تارك الصلاة من الشر أن يكون هنالك خلاف في اعتباره مسلمًا.

ونرجو أن يقوم بنصحه من يرجى أن يستجيب لقولهم؛ ليبيّنوا له ما في توبته من خير الدنيا والآخرة، فلعله يتوب، ويزول الإشكال.

وإن استمرّ على ما هو عليه، فلتنصح أختك بأن تراعي أحكام الشرع في أمر زواجها؛ فلا ترتضي إلا صاحب الدِّين والخُلُق؛ فإنه أرجى لأن تدوم معه العشرة، ولأنها إن لم تر منه خيرًا؛ فلن يصلها منه شيء من الشر، روى ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خُلُقه، ودِينه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وجاء في شرح السنة للبغوي عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبُّها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: (زوِّجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبّها؛ أكرمها، وإن أبغضها؛ لم يظلمها).

وينبغي أن يكون نصحها من قِبَل من له وجاهة عنده من أقربائها، أو صديقاتها، هذا مع الدعاء لها بأن يرزقها الله عز وجل الرشد، والصواب.

فإن اقتنعت بعد هذا كله؛ فالحمد لله، وإن أصرّت على رأيها، فلا بأس بزواجها منه، فلا يحرم عليها شرعًا الزواج منه.

وإن كانت أمّك معترضة على هذا الزواج بسبب حال هذا الرجل في التفريط في الصلاة؛ فالأصل أن تطيع أختك أمّها في هذا، فلا تتزوج من هذا الرجل، إلا إذا خشي عليها ضرر بعدم زواجها منه؛ بسبب تعلّقها به؛ فلا حرج عليها حينئذ في هذا الزواج، ولو لم ترضَ الأم بذلك، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى: 93194.

وننبه إلى خطورة الانتحار، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب، وهو لا يحلّ لصاحبه مشكلة، وإنما يجعله في دار الشقاء والعذاب الأليم، كما هو مبين في الفتوى: 10397.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني