الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإفرازات البنية الخارجة بعد انقطاع الدم، وتغيير الملابس التي أصابتها الإفرازات

السؤال

دورتي تبدأ بدم صريح، ثم ينقطع ويتحول لإفرازات بُنية، قد تتواصل حتى 15 يومًا، فهل تعدّ الإفرازات في هذه الفترة حيضًا، أم استحاضة، حتى لو قبل 15 يومًا؟ وهل يجوز الصلاة، والجماع، والصوم؟ وهل يجب تغيير الملابس إذا كان بها إفرازات بُنية قبل الوضوء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه الإفرازات البنية التي اتصل نزولها بدم الحيض؛ تعد حيضًا، قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ، وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. اهـ.

تريد بذلك -رضي الله عنها- عدم العجلة؛ حتى يتم التحقق من الطهر؛ فدم الحيض غالبًا ما يتغير لونه في آخر مدة الحيض، فيخفّ لونه، وقد تتبعه صفرة، أو كدرة. وأثر عائشة -رضي الله عنها- يدلّ على أن تلك الكدرة المتصلة بالحيض، تعد حيضًا، وقال المرداوي في الإنصاف: والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض -يعني في أيام العادة-، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. انتهى.

وبناء عليه؛ فما دام نزول ذلك الإفراز البني في زمن الحيض، متصلًا بدم الحيض؛ فيعدّ حيضًا، ويمنع الصلاة، وغيرها.

وقد ذكرت أن نزول تلك الإفرازات مع الدم الصريح قد استمر خمسة عشر يومًا، وانقطع، ومن ثم؛ فكل ذلك يعدّ حيضًا؛ لأن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يومًا.

وأما إذا كنت قد رأيت علامة الطهر من قصة بيضاء، أو جفوف تام للمحل قبل نزول ذلك الإفراز البني؛ فلا يعدّ حينئذ حيضًا؛ لقول أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها: كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. رواه أبو داود، وصححه الألباني.

وننبهك على أن الطهر يعرف بإحدى علامتين:

الأولى: نزول القصة البيضاء. والقصة البيضاء: هي ماء أبيض، يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، ومتى نزلت تلك القصة؛ فلا عبرة بالصفرة، ولا بالكدرة، لو نزل شيء منهما بعد رؤية القصة البيضاء.

والعلامة الثانية للطهر: حصول الجفاف التامّ، بحيث لو أمرّت المرأة منديلًا على ظاهر المخرج -وهو ما يبدو عند الجلوس- يخرج المنديل نقيًّا، ليس عليه أثر من دم، أو صفرة، أو كدرة، قال الباجي في "المنتقى": وَالْمُعْتَادُ فِي الطُّهْرِ أَمْرَانِ:

الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ، وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ.

وَالْأَمْرُ الثَّانِي: الْجُفُوفُ، وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ الْقُطْنَ، أَوْ الْخِرْقَةَ فِي قُبُلِهَا؛ فَيَخْرُجَ ذَلِكَ جَافًّا، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ.

وَعَادَةُ النِّسَاءِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، وَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْجَفَافَ. انتهى.

والإفرازات البُنية نجسة، لكن لا يجب غسلها، أو تغيير الملابس بسببها، إلا عند الصلاة، أو نحوها، مما تجب له الطهارة من الخبث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني