الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالفة المرأة للرؤيا الحسنة التي رأتها بعد الاستخارة بشأن الزواج

السؤال

اقترح عليّ زوج خالتي الزواج من ابن اخيه، لأنه يبحث له عن عروس، وهو يرى فيّ الصلاح له، ويرى أن ابن أخيه ذو أخلاق طيبة، مع العلم أنه لم يخبر ابن أخيه بذلك؛ لأنه يخاف رفضي؛ لأني أعلى منه في المستوى العلمي، وقد استخرت في الأمر عدة مرات، ودعوت الله أن يرزقني رؤية بيّنة؛ لأنني كنت مترددة بسبب التفاوت بيننا، وقد حلمت أني في الحرم أؤدي العمرة، وأرى الكعبة، وأنا في غاية السرور، حلمت بذلك مرتين، ومع ذلك ما زلت مترددة في الأمر، وأنا أعلم أنه لا يشترط للاستخارة أن يحلم الإنسان، فهل أعد هذه الرؤيا نتيجة دعائي برؤية بينة، أم إنها مجرد أضغاث أحلام؟ وهل يجوز لي مخالفتها، وترك الأمر؛ لأني غير مقتنعة به، برغم تلك الرؤيا؟ وهل ذلك مخالف للاستخارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق وأن بينا في فتاوانا -كثيرًا- أن المعوّل عليه في أمر الاستخارة ما يحصل بعدها، فمن استخار؛ فعليه أن يمضي فيما استخار فيه، فإن وفّق لتمام ما أراد؛ ففي ذلك الخير، وإن لم يتم له ذلك؛ كان الخير في صرفه عنه، كما هو مقتضى صيغة الاستخارة؛ فنرجو مراجعة الفتوى: 123457.

وأما الرؤيا فيمكن أن يستأنس بها في ذلك.

وإذا كان الراجح ما ذكرنا في نتيجة الاستخارة من التوفيق للشيء من عدمه، فإذا لم ترتضِ الزواج من هذا الشاب؛ كان الخير في عدم زواجك منه، ولا معنى للقول بأنك خالفت مقتضى الاستخارة، أو أنك تأثمين بذلك، أو لا تأثمين به.

هذا مع التنبيه إلى أن الاستخارة في الأصل مستحبة، وليست واجبة، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه حديث الاستخارة: ويؤخذ من قوله: "من غير الفريضة" أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب. قال شيخنا في "شرح الترمذي": ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها... اهـ.

ومن أسباب التوفيق، إضافة للاستخارة: الاستشارة في شأن من يتقدّم للخطبة، وسؤال الثقات عنه، فلا تكتفي بما قاله زوج خالتك في ابن أخيه من كونه ذا أخلاق طيبة، بل سلي من يعرفونه من ثقات الناس عن دِينه، وما إن كان ممن يحافظ على الفرائض، وخاصة الصلاة، ويجتنب الكبائر، وكذلك سؤالهم عن خُلُقه، فصاحب الدِّين، والخُلُق هو من حثّ الشرع على قبوله زوجًا، كما في سنن الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دِينه، وخُلُقه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا؛ تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

فإن أثنوا عليه خيرًا؛ فاقبلي به زوجًا، وإلا؛ فدعيه، وسلي الله أن يرزقك الزوج الصالح، واستعيني بمن تثقين بهنّ من صديقاتك في البحث عنه؛ فلا حرج في ذلك شرعًا، بل يجوز لك عرض نفسك على من ترغبين في زواجه منك من الصالحين، مع مراعاة الضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتوى: 108281.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني