الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما من أحد من الناس إلا ويؤخذ من قوله ويترك

السؤال

ما هو موقفنا من الحافظ جلال الدين السيوطي، فله -رحمه الله- أمور عجيبة في التصوف منها مثلا دفاعه عن ابن عربي !!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله كان أشعري العقيدة، مثل كثير من علماء عصره، فضلا عن عامة الناس، يعرف ذلك من يقرأ تفسير الجلالين، الجزء الأخير الذي كتبه السيوطي، فقد كان يؤول أكثر آيات الصفات على طريقة الأشاعرة، ويصرفها عن الحقيقة التي هي طريقة السلف ونهجهم في آيات الصفات، ونلاحظ أن السيوطي يذهب أحيانا مذهب السلف في تفسير بعض آيات الصفات، فلا يؤولها، بل يثبتها على حقيقتها كما يليق به سبحانه. من مقدمة كتاب "التحبير في التفسير. تـ/ زهير علي نور. والسيوطي كان ذا مسلك صوفي أخذ الطريقة الشاذلية عن الشيخ الكامل محمد بن عمر الشاذلي، وله فيه كتاب بعنوان (تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية، وهو يرى أن الطريقة الشاذلية في المتأخرين نظير طريقة الجنيد في المتقدمين، وأن طريق الجنيد وصحبه طريق قويم. من كتاب "السيوطي وجهوده في الحديث وعلوه" (ص 120). بديع اللحام.

وقد نقل ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار كلاما للسيوطي يدافع فيه عن ابن عربي، ومما قال: وللحافظ السيوطي رسالة سماها "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي" ذكر فيها أن الناس افترقوا فيه فرقتين: الفرقة المصيبة تعتقد ولايته، والأخرى بخلافها، ثم قال: والقول الفصل عندي فيه طريقة لا يرضاها الفرقتان، وهي اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه، وذلك أن الصوفية تواطأوا على ألفاظ اصطلحوا عليها وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة بين الفقهاء"، ثم ذكر كلاما يحاول فيه تبرئة ابن عربي من أقواله الشنيعة وآرائه الكفرية، مثل وحدة الوجود، والحلول والاتحاد، وغيرها.

ولكن الإمام السيوطي لم يقل أحد بأنه يقول بهذه الأقوال والآراء التي عليها ابن عربي وأصحابه.

وإنما هذا رأي واجتهاد منه في ابن عربي.

وأما الموقف الصواب من الإمام السيوطي وغيره من العلماء، فهو بيان خطأ العالم –إن أخطأ- مع التزام أدب الرد، وما من أحد من الناس إلا ويؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي الخلط بين إجلال أهل العلم وتوقيرهم وبين قبول كل ما يقولونه، فالحق أحق أن يتبع، والخطأ يرد على صاحبه مع التزام أدب الرد، وبهذا يعطى كل ذي حق حقه.

وراجع الجواب رقم: 6506

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني