الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعويض المتفق عليه مقابل إفساد الخياط للثوب

السؤال

اشتريت بدلة، وسلّمتها للخياط، فأخطأ في التعديلات، وأفسدها؛ فأصبحت قصيرة عليّ، ولكني أستطيع لبسها، وعرض عليّ الخياط شراء نفس البدلة، وسعرها جديدة 250 يورو، وقد اشتريتها من أحد المواقع بسعر أرخص من 50 يورو، وهذا الموقع يبيع قطعًا محددة ومحدودة، فلو أردت شراء نفس البدلة مرة أخرى من نفس الموقع لما استطعت، ويجب عليّ شراؤها من موقعها الأصلي بسعر 250 يورو.
طلبت من الخياط أن يشتري لي نفس البدلة، فوافق، ولم أخبره أنني اشتريت البدلة بسعر رخيص، وبحثنا عن البدلة، ووجدنا سعرها 250 يورو، لكن البائع لا يشحن لبلدنا، فاقترحت عليه تعويضي بـ 150 يورو، فوافق.
أنا تعرّضت لضرر ماليّ، ومعنوي -سفري الطويل من مدينة إلى أخرى، ووقتي الضائع، والهم والحزن، وعدم استطاعتي شراء البدلة مرة أخرى بسعر رخيص، وتكاليف التعديلات سابقة-، وأظن أن الـ 150 يورو تعوّضني عن الضرر الماديّ والمعنويّ.
ولو أنني جعلته يشتري نفس البدلة؛ لدفع الخياط 250 يورو؛ وقد أحببت البدلة، فهل هذا المال حلال أم حرام؟ في حال كان حرامًا، فهل يجب عليّ إرجاعه، أم إنني أستطيع التبرّع به عن الخياط؟ وفي حال وجب الإرجاع، فلا أظن أني قادر على الذهاب إليه، وإذا وضعت المال عنده دون أن ينتبه، فقد يأخذه شخص آخر، وفي حال كان يحق لي الاحتفاظ بالمال، فهل يحق لي استخدام البدلة، فقد وافق على أن آخذ البدلة أيضًا؟ جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فطالما أنك تصالحت مع الخياط على هذا التعويض المالي عن خطئه في صنعته؛ فلا حرج عليك في قبوله، بغض النظر عما دفعت فيها من ثمن، وبغض النظر أيضًا عن ثمنها الحالي، قال أبو الوليد بن رشد في «المقدمات الممهدات»: قال الله عز وجل: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، وهذا عام في الدماء، والأموال، والأعراض، وفي كل شيء ‌يقع ‌التداعي ‌والاختلاف فيه بين المسلمين ...

ولا يجوز الصلح بالحرام؛ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا أحلّ حرامًا، أو حرّم حلالًا»، فكل ما يتراضى عليه المتصالحان؛ فهو جائز، ما لم يجرّ ذلك إلى تحليل حرام، أو تحريم حلال. اهـ.

وكذلك يحلّ لك استعمال "البدلة"، ما دام قد أذن لك بالانتفاع بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني