الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المضطر للصرف على نفسه من الشهادات الاستثمارية الربوية

السؤال

أنا سيدة مطلقة بسبب أني أصبت بمرض السرطان، وأتعالج منذ 6 سنوات، ولكن الآثار الجانبية للعلاج أمرضتني في جميع أعضاء جسمي. وقد فقدت أسناني كاملة، وأحتاج إلى زراعة عظم فك، وزراعة أسنان كاملة. وقد فقدت حاسة التذوق لباقي حياتي.
وأعيش في كرب كبير منذ عامين بعد الطلاق، وأبي وإخوتي رغم قدرتهم المالية تخلوا عني أنا ووالدتي المسنة- بارك الله فيها- فلولاها كنت سأرمى في الشارع، فهي التي تنفق علي من عائد لشهادة استثمار تملكها، مع معاش صغير لها.
لقد فقدت حياتي وبيتي وزوجي وأهلي، وإخوتي رغم اقتدارهم وغناهم، ومصاريف المعيشة والعلاج والمتابعات بالأشعة، وإيجار شقتي بعد الطلاق، وهذه تكاليف كبيرة.
السؤال هنا: أنا أدعو ربنا أن يزيل همي وكربي، ولا أكل ولا أمل، وأداوم على الأذكار والصلاة والدعاء بشكل مستمر، وخائفة أن يكون عدم الإجابة بسبب أني أعيش بفلوس الشهادة، وأحيانا أيضا أستخدم الفيزا للمشتريات، ولا أستطيع أن أسدد قبل مدة ال 55 يوما.
أنا للأسف لا أستطيع أن أعمل، صحيا ممنوعة من أي مجهود، وعندما أتحرك داخل البيت أصاب بالدوخة، وأسقط. وقد وصل وزني 40 كيلو.
لا يوجد حل آخر، أعيش أنا وأمي عمرها 80 سنة، ليس لنا دخل غير هذه الفوائد. ولو كسرت الشهادة وصرفت لن تكفينا سنة واحدة، وسنرمى في الشارع، لن نستطيع أن ندفع إيجارنا؛ لأن والدي طردنا أنا وأمي من بيته؛ لأن طليقي عمل فتنة بيني وبينهم؛ لكيلا ينفقوا علي؛ لكي أرجع له ذليلة، وهو يقوم بكل شيء لكي يؤذيني؛ لكي أصل إلى مرحلة لا تكون عندي فيها فلوس، وألجأ إليه ذليلة، ويتمنى موت والدتي. وقد رفعت عليه قضية بسبب الرسائل المهينة التي يرسلها لي، لكي أرجع حقي النفسي.
المحامي أيضا يحتاج مصاريف، غير أننا رفعنا دعوى نفقة على والدي، وقد مضت عليها شهور، ولم يحكم فيها، ولا أفعل شيئا غير أني أقول: أسأل الله أن يهديه، ويعالجني ويصرف علي، وهو غني جدا، لكن إخوتي مسيطرون عليه.
سؤالي: لا يوجد عندي أي حل غير فوائد الشهادة، وبطاقة المشتريات أحاول أن أسدد قبل أن تنزل الفائدة بقدر ما أستطيع.
هل أكون ملعونة، وهل هذا ربا؟ وعلاجي وأكلي بالحرام. وصدقتي حرام، ودعائي بفك كربي لن يستجاب؟
ربنا عالم بكربي النفسي بسبب ما وقع من زوجي وأهلي، الذين رموني وتخلوا عني.
منذ سنين وأنا أبكي يوميا، وأدعو، أنا أعيش ميتة من غير روح، ورغما عني أفكر في الانتحار، ثم أرجع وأستغفر، لكن طاقتي وصبري نفد. أُحارَب وأغدر من أقرب الناس. ماذا أفعل؟
أخاف أن تكون فلوس الشهادة والفيزا تمنع فك كربي، لكن والله ليس عندي حل، وصحتي لا تسمح لي بالعمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يعجل لك الشفاء، ويعافيك، ويفرج كربك، ويشرح صدرك، ويوسع لك في الرزق الحلال.

واعلمي أنّ شهادات الاستثمار التي تتعامل بها البنوك الربوية؛ فهي في حقيقتها قرض، وفوائدها ربا محرم.

وأمّا الشهادات التي تتعامل بها البنوك الإسلامية وفق ضوابط الشرع في المضاربة؛ فهي جائزة، والربح منها حلال، وانظري الفتوى: 400393
والبطاقات الائتمانية إذا كانت مشتملة على شرط غرامة عند التأخر في السداد، أو زيادة تؤخذ على السحب النقدي؛ فهي غير جائزة، ولا يجوز استصدراها. وأمّا إذا خلت من الشروط المحرمة؛ فهي جائزة، وراجعي الفتوى: 118438
وعليه؛ فاستعيضوا عن الشهادات الاستثمارية الربوية بالشهادات المباحة في البنوك الإسلامية، وكذا البطاقة الائتمانية.

وفي الأخير إذا كنتم مضطرين حقيقة لهذه الشهادة أو البطاقة، فالضرورات تبيح المحظورات.

ونذكرك بأهمية التوكل على الله، والثقة فيما عنده. فتوكلي عليه، وسوف يكفيك ما يهمك، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}.
واصبري ولا تجزعي، واعلمي أنّ العبد إذا قابل البلاء بالصبر والرضا عن الله؛ كان ذلك سببا لرضى الله عنه، ونيل الثواب العظيم.

فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم. فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني