الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البنك الربوي يناقض بيت مال المسلمين

السؤال

يقول لي بعض الناس إن الضرورات تبيح المحظورات في الأحكام وبناء عليه فربما هناك ضرورة من شأنها أن تبيح أخذ الربا أو القرض من البنوك عند الحاجة الماسة بعد أن تنفذ الوسائل المباحة جميعها وأنا أخبرهم أن هذه القاعدة تطبق على ما ورد به دليل ظني فقط وأن ما ورد به دليل قطعي واضح لا يجوز الاجتهاد به ، ثمّ يعودون فيقولون إن هذا البنك يقوم ببناء المرافق العامة لعامة الناس فيعود ما يأخذه من ربا لعامة الشعب فيكون هذا مرادفا لمفهوم بيت مال المسلمين فكيف أناقش هذه المسألة وما حكمها بالضبط، وذلك بالنسبة للمحتاجين ممن لديهم الكثير من المسؤليات كالأطفال ومصاريف الدراسة ومصاريف الحياة اليومية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضرورات تبيح المحظورات القطعية منها والظنية، كما قال تعالى في حكم أكل الميتة عند الضرورة يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (الأنعام: من الآية3)، ولا شك أن تحريم أكل الميتة قطعي الثبوت والدلالة، وأما حكم التعامل بالربا ومنه الاقتراض بفائدة من البنوك الربوية أو غيرها فحرام، وهو الربا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكله وموكله، كما في صحيح مسلم من حديث جابر، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، فلا يحل الاقتراض بفائدة إلا في حالة الضرورة، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل عادة، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 6501.

أما القول بأن البنك الربوي يرادف بيت مال المسلمين، فقول باطل وكلام ساقط، لا يقوم على برهان، فما في بيت مال المسلمين إنما هو أموال الزكوات والصدقات والفيء والغنائم والهبات ونحو ذلك، وهو ملك لجميع المسلمين، وأما البنك فهو أموال يملكها أشخاص معينون من الأعضاء المؤسسين وأصحاب الودائع، ويقوم البنك على الربا قرضاً واقتراضاً، فهي أموال خبيثة يحارب بها الله، كما قال الله تعالى في المرابين: إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (البقرة: من الآية279)، وإذا فرض أن قام البنك الربوي بعمل مشروع خيري فلا يعني هذا أنه زال عنه اسم الربا، أو أنه يجوز التعامل معه لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني