الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعطي الأب ابنه من الفوائد

السؤال

أنا شاب في السادسة والعشرين من عمري مقدم على الزواج خطبت إحدى الفتيات، وذلك بناء على مبلغ من المال كنت قد ادخرته من عملي ومبلغ آخر كان والدي قد أخبرني أنه وديعة بنكية (وهو عبارة عن ثلاث شهادات استثمار المجموعة ب وأنه اشتراها بمبلغ 3000 جنيه، ويستحق صرفها في 1/4/2004 بقيمة 10000 جنيه)، المهم أن صديقاً لي أخبرني أن هذا المال يعتبر من فوائد البنوك أي أنه مال ربا وهو حرام شرعاً، وأنني لو أخذت المال واستعملته في زواجي سيكون الله غاضباً علي وسوف تصيبني بسبب هذا المال كوارث لا حصر لها لأن الله يمحق مال الربا، أنا الآن حائر وخائف وموقفي صعب، وأحتاج لهذا المال الآن لشراء منزل من أجل إتمام زواجي، وأنا الآن مرتبط أمام أهل خطيبتي بموضوع الخطبة وربما إن لم آخذ هذا المال ينتهي أمر الخطبة، هل هذا المال حرام، حتى ولو كان والدي لا يعلم بحرمته حتى هذه اللحظة فهو تائه مع فتاوى الشيخ طنطاوي مع التائهين، إن كان حراماً فهل هو حرام على والدي فقط لأنه هو واضعه أصلاً، وهل يمكن أن آخذه منه ولو على سبيل الهبة ويكون هو مسؤولاً عنه، إن كان هذا أيضاً لا يحل لي فهل أرفض وديعته الربوية وأطلب منه أن يعطيني من أصل ماله الحلال مبلغاً آخر لمساعدتي، أم هل يمكنني أن أستعين بهذا المبلغ الآن على سبيل الدين من والدي على أن أرده على أقساط، وآخذه منه على سبيل الدين أمام الله وأخرجه للمحتاجين على أقساط حينما يتيسر لي، أنا حائر وتائه ولا أدري ماذا أفعل، أفتوني بالله عليكم في أمري هذا، وفقكم الله لما فيه الخير للناس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحكم شهادات الاستثمار تابع للبنك الذي يستثمر فيه المال، فإن كان ربويا فهي ربا، وإن كان بنكا شرعياً فهي شرعية، والظاهر أن شهادات الاستثمار التي اشتراها أبوك هي من النوع الربوي لأنك ذكرت أنه اشتراها بثلاثة آلاف وسيستحق صرفها في 1-4-2004 بقيمة عشرة آلاف، أي أن الربح محدد مسبقاً، وهذا محض ربا، وما قاله لك صديقك من أن الربا يسبب كوارث لا حصر لها صحيح، بل هو أخطر من ذلك لأنه حرب مع الله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279].

واعلم أن فوات شراء المنزل وانتهاء أمر الخطبة لا يساويان شيئاً في مقابلة الحرب مع الله.

وإن لم يكن والدك يعرف حرمة الموضوع فلا إثم عليه فيما مضى، ولكنه لما علم بالحرمة وجب عليه التخلص من جميع الفوائد الربوية، وله الحق فقط في رأس ماله، قال الله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ، وراجع الفتوى رقم: 23078، في كيفية التخلص من فوائد شهادات الاستثمار، ثم إن لم تكن نفقتك واجبة على والدك وكنت فقيراً فلوالدك الحق في أن ينفق عليك هذه الفوائد أو بعضها، وأما إذا لم تكن من الفقراء فليس لك فيها الحق لا على سبيل الهبة ولا غيرها لأنها خارجة عن ملك والدك.

ولا مانع من أن يعطيك شيئاً من أصل ماله الحلال، سواء كنت غنياً أو فقيراً، فلا تتوان في إقناع والدك بالتخلص من الحرام، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني