الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطهير الأرباح الناتجة من تداول الفوركس أو من المشروع المؤسس بقرض ربوي

السؤال

عندي سؤالان:
1- الفوركس بسبب استخدام الرافعة المالية يدخل ضمن القروض الربوية، فكيف يمكن تطهير الأرباح من تداول الفوركس؟
2- عند أخذ قرض ربوي من بنك، واستخدامه في شراء منزل أو في مشروع معين، فكيف أستطيع تطهير الدخل الناتج من ذلك المشروع؟ وهل الدخل الناتج من مكان فيه شك أنه ربوي يمكن تطهيره؟ فأنا أعيش في دولة غربية، وكل ما فيها يعتمد على الربا والفوائد، وراتبي الذي أعمل كل يوم 8 ساعات لتحصيله، يمرّ على بنك ربوي. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنجمل الجواب عما سألت عنه فيما يلي:

أولًا: أن الربا محرم تحريمًا عظيمًا، ولا يجوز للمرء الإقدام عليه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}.

ثانيًا: الرافعة المالية في حقيقتها تعتبر قرضًا من شركة الوساطة للعميل، وهو قرض مشروط بأن يتم التعامل عن طريق هذه الشركة نفسها؛ فيجرّ نفعًا على المقرض ـ الشركة ـ بسبب العمولة التي تزيد بزيادة حجم الصفقات؛ ولذلك لم يجز التعامل بهذه الرافعة، لكن لو أقدم المرء على التعامل به؛ فإنه يأثم بسبب ذلك، وعليه أن يتوب إلى الله بالكفّ عن التعامل بتلك الرافعة المالية، ويستغفر ربّه من ذنبه، ويندم عليه، ويعزم ألا يعود إليه.

ثالثًا: لو أخذ المرء قرضًا ربويًّا، فحرمة ذلك القرض إنما تتعلق بذمّته، لا بعين المال، فلو استثمره وربح منه، أو اشترى به أغراضًا؛ فلا حرج عليه في الانتفاع بالربح والأغراض، ولا يلزمه أن يتصدّق بشيء من ماله؛ لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض، ويصير دَينًا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا، وتجب عليه التوبة إلى الله منه.

رابعًا: قولك: "راتبي الذي أعمل كل يوم 8 ساعات لتحصيله يمر على بنك ربوي" ـ هذا لا يؤثر في حلية الراتب، إن كان عملك الذي تؤدّيه مباحًا

وعليه؛ فمرور الراتب ببنك ربوي، لا يحرّمه، وللمرء الانتفاع به، إلا إذا أعطي عليه فائدة ربوية؛ فإنه يتخلّص من الفائدة فقط بدفعها للفقراء، والمساكين، وأصل راتبه حلال له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني