الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا طاعة للأب في القطيعة مع الأعمام

السؤال

توجد مشاكل عدة بين أبي وإخوته على ورق، وأبي هو المظلوم، وإخوته ظالمون، فهم يريدون أخذ ما ليس من حقهم، وأبي وقف لهم وعطل سير الأوراق التي يسعون لتسجيلها، وبالطبع حدث الشجار بين الأطراف، وتعدى الطرف الآخر على أمي بالسب، ففي هذه الحالة أريد الاستفسار عن شيئين:
الأول: أبي طلب مني أنا وإخوتي عدم الكلام مع أي شخص من هذه العائلة، وبالطبع بدأت في تنفيذ ما طلبه، ولكن لا أريد فعل هذا، لأن ذلك عكس فطرتي، فأنا أكره أن أتجنب أحدا، فما الحكم في ذلك؟ وهل علي أن أسمع كلام والدي دون تأنيب في الضمير؟.
الثاني: أبي يوصينا بأنه عند وفاته لا يتم ذكر اسم إخوته عند الإعلان عن وفاته، يريد أن ينادى باسمه فقط، فهل علينا اتباع وصيته أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما ذكرت هو واقع الحال بين أبيك وبين إخوته من الخصام، فهذا باب عظيم للشيطان قد يقود إلى البغضاء والبغي والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53}.

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا.

وينبغي الإكثار من الدعاء بأن يصلح الله سبحانه الحال، والسعي في إصلاح ما بين أبيكم وإخوته، فقد حث الشرع على الإصلاح وبين فضله، قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}.

وروى أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة.

وطاعة الأب وغيره إنما تكون في المعروف، ولا تحل طاعته في معصية الله، روى البخاري ومسلم عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف.

وإن كان أبوكم قد أمركم بالقطيعة مع أعمامكم، فهذا أمر بالمعصية، فالأعمام من الأرحام التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، فالذي نوصي به عدم قطع الرحم الواجب صلتها، والاعتذار لأبيكم بلطف وأدب.

وبخصوص الإعلان عن وفاة أبيكم، ووصية أبيكم بخصوصها، فهي وصية بأمر مباح، لا يجب تنفيذها، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 58460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني