الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاندة الولد لأمه في شأن اللباس هل يعتبر من العقوق؟

السؤال

قد علمت أنه لا يلزم طاعة الوالدين في أكل طعام لا يريده الابن، أو لبس شيء لا يريده، ويخجل منه. لكن إذا قالت الأم لولدها قبل خروجهم للنزهة في البر مثلا: أنا لا أخرج من البيت معكم للنزهة إلا إذا لبست هذا اللباس المعين، أو أمرت الابن أن يشتري لها شيئا معينا. فلما أراد الابن أن يذهب ليقضي حاجة أمه، عارضته أمه وقالت له: ما دمت تلبس هكذا فلا تشتر لي شيئا.
هل هذه العبارات تغير حكم طاعة الوالدة من الاستحباب إلى الوجوب؟ يعني لو أن الابن مثلا لم يغير لباسه والأم بقيت في البيت وعملت بما قالت -أي ما دمت تلبس هذا اللباس فأنا لا أخرج من البيت- أو بقيت الأم بدون قضاء حاجتها؛ لأنها قالت للابن: لا تشتر لي شيئا. أو مثلا قالت الأم عند ذهابهم إلى وليمة قريب: أنا لا أذهب إلى الوليمة إلا إذا غيرت لباسك.
هل إذا عاندت الأم وبقيت في البيت؛ لأن الابن لم يرد أن يلبس ما أَمَرَتْهُ أمه به، يكون عاقا؟ هل يعتبر الابن قد ألحق بأمه ضررا؟
مع العلم طبعا أن لباس الولد ليس فيه أدنى محظور البتة، بل هو لباس شرعي، وليس من حقها أمره بلباس معين لا يرتاح له، ولو كان هذا اللباس الذي أمرت به مباحا.
هل هذا عقوق من قبل الابن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا أن طاعة الوالدين تجب فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر على الولد فيه، وأنه ليس لأي من الوالدين إلزام الولد بنوع معين من اللباس والطعام ونحوهما، فلتراجع الفتوى: 427204.

فإن كان ما حدث من أمك من عدم الرضا بتصرفك لمجرد رفضك الاستجابة لها فيما ترغب فيه، فلا تكون عاقا بذلك، ولكن إن صدر عنك ما يؤذيها من أسلوب في الكلام والإغلاظ عليها ونحو ذلك، فلا شك في أن هذا عقوق تأثم به، وتجب عليك التوبة منه، والاعتذار لها.

وينبغي أن تجتهد في كسب رضاها على كل حال، وأن تتواضع لأمك ولا تعاملها بندية كما تعامل زملاءك، فالوالدان ليسا كغيرهما، وأن تؤثر ما ترغب فيه أمك على ما ترغب فيه أنت، ما دام لا ضرر عليك فيه، فنحسب أن الأمر أهون من أن يكون فيه مثل هذا العناد.

وفي الختام ننصح الوالدين بعدم التعسف في التعامل مع الأولاد، ومحاولة الضغط عليهم، واستغلال جانب الطاعة كوسيلة للضغط عليهم. والحرص على سلوك سبيل التفاهم ومحاولة الإقناع، فذلك خير وأفضل، وآمن للعاقبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني