الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الولد عن والده: إنه لا يقوم بواجبه، أو غضبه من إفساده بعض الأمتعة

السؤال

أنا فتاة أعمل في بلد أجنبيّ أستاذًا محاضرًا، وعمري 43 سنة، ولم أتزوّج، وأزور والدي في العطل المدرسية، ومنذ سنين وأبي لا ينفق على أمّي باستثناء الأكل، وفي كثير من الأحيان يمتنع عن ذلك، أو يقسّطه، وكمثالٍ بسيط: فقد اشترينا مع أختي، وأمّي خروفًا للعيد، فخصم ثمنه من مصاريف الأكل، وأحواله المادية جيدة، وفي المنزل لا يدفع إلا سداد الكهرباء والماء، وأنا أدعم نفقات أمّي، والبيت الذي بنيته مع أختي ووالدتي، وعندما يكسر شيء ما في المنزل، فعليّ أن أصلحه، وهو يحتفظ بأمواله لنفسه، ثم يعطيها لأخيه لتسوية ديونه، أو مساعدته في مصاريفه اليومية، بل إنه ساهم في بناء منزله، والأجواء في المنزل متوترة للغاية عندما أعود إليه، وهو يسبّب الكثير من المشاكل، وأنا أقضي الكثير من الوقت في غرفتي؛ لتجنب رؤيته، والجدال معه، ونحن نعيش في هذا الوضع منذ سنوات، ولكنه يزداد سوءًا، ولا يرغب بوجودي في البيت، ولا يحرّك الأعمام والعمّات إصبعًا، فهل أنا عاقة حينما أقول: إنه لا يقوم بواجبه، أو حينما أغضب؛ لأنه يكسر أمتعتنا، أو يفسد ما في البيت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك لا يقوم بحقّ زوجته في النفقة بالمعروف؛ فقولك له: إنّه لا يقوم بواجبه؛ إن كان بأدبٍ؛ فليس من العقوق، وكذا غضبك من إفساده بعض الأمتعة؛ إن كان لا يترتب عليه إساءة، أو إيذاء؛ فليس من العقوق، قال ابن مفلح – رحمه الله: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.

وإن كان المقصود أنّك تقولين هذا الكلام لبعض الناس في غيبة الوالد؛ فإن كان الغرض من الكلام الاستعانة على نصيحة الأب، وأمره بالمعروف؛ فلا حرج في ذلك.

وأمّا إن كان لغير غرضٍ صحيح؛ فهو غيبةٌ محرمةٌ، ويعظم إثمها في حقّ الوالد، وراجعي الفتوى: 67871.

واعلمي أنّ النفقة الواجبة للزوجة هي قدر الكفاية -من المأكل، والمسكن، والملبس-؛ اعتبارًا بحال الزوجين - على القول الراجح عندنا -، وانظري الفتويين: 132322، 419938.

وحقّ الوالد على ولده عظيم، فلو فرض أنّه أساء، أو ظلم؛ فلا يسقط حقّه في البِرّ، والمصاحبة بالمعروف، وانظري الفتوى: 114460.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني