الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حضور الأعراس المشتملة على المنكرات للتهنئة ثم الانصراف

السؤال

هل يجوز أن أحضر في حفل زفافي منشدًا يغني دون موسيقى بكلمات عفيفة، لا حرام فيها، وأن نستمع لإنشاده أنا وبقية النساء؟ وهل يجوز أن يحضر الزفاف رجال ونساء في نفس الحديقة، لكن النساء في جانب، والرجال في جانب آخر دون اختلاط؛ فكلٌّ جالسٌ في مقعده؟ وهل يجوز أن أذهب لتهنئة الأهل والأصدقاء الذين يقيمون أعراسًا في قاعات بها موسيقى واختلاط، دون الجلوس معهم؟ فأذهب لتهنئة العروس فقط ثم أنصرف.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز إحضار هذا المنشد، وسماع إنشاده للنساء، حيث أمنت الفتنة، وانظري الفتوى: 76255.

والصورة المذكورة -حيث يكون الرجال في ناحية، والنساء في أخرى-، لا حرج فيها بشرط أن يكون النساء - بمن فيهن العروس- متسترات الستر الشرعي، وأن لا تكون بين الرجال والنساء الحاضرين مباسطة ولا حديث لغير حاجة. والأولى تجنب ذلك لما هو معروف من أن حفلات الزفاف عادة هي مواطن فرح وبهجة وتبسط بين الحاضرين، فيصعب ضبط ذلك بالضوابط الشرعية.

وأما حضور الأعراس المليئة بالمنكرات -من التبرّج، والاختلاط، والمعازف، وهلم جرًّا-؛ فلا يجوز، ولو بقصد التهنئة فحسب، إلا إذا كان حضور الشخص سيكون فيه تغيير للمنكر بحيث يستحيون منه ويكفون عنه، جاء في الموسوعة الفقهية: (... ويجوز أن يحضر ولا يستمع وينكر بقلبه، كما لو كان يضرب المنكر في جواره، فلا يلزمه التحول وإن بلغه الصوت، واستدلوا على جواز الحضور بأنه ربما أحشمهم حضوره فكفوا وأقصروا، وقد حكي أن الحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي دعيا إلى وليمة فسمعا منكرا فقام محمد لينصرف فجذبه الحسن وقال: اجلس ولا يمنعك معصيتهم من طاعتك، ونص الشافعية والحنابلة على أنه إن علم وجود المنكر قبل حضوره، فإن كان المنكر يزول بحضوره لنحو علم أو جاه فليحضر وجوبا، إجابة للدعوة وإزالة للمنكر، ولا يمنع الوجوب وجود من يزيله غيره، لأنه ليس للإزالة فقط. اهـ.

أما إذا كان المنكر سيتمر في حال حضوره فقد نصّ الفقهاء على حرمة إجابة دعوة الوليمة لمن عجز عن إنكار المنكر، حيث تيقّن وجوده؛ فهنا أولى، قال في شرح الإقناع: (وإن علم) المدعو (أنَّ في الدعوة منكَرًا، كالزَّمْر، والخمر، والعود، والطبل، ونحوه) كالجَنْك والرباب (أو) علم أن فيها (آنية ذهب، أو فضّة، أو فُرُش مُحرّمة، وأمكنه إزالة المنكَر؛ لزمه الحضور والإنكار) لأنه يؤدي بذلك فرضين؛ إجابة أخيه المسلم، وإزالة المُنْكَر، (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ (لَمْ يَحْضُرْ) وَحَرُمَتْ الْإِجَابَةُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ. انتهى.

لكن في وقت خلوّ المكان من المنكرات؛ يجوز الحضور للتهنئة، والتبريك.

وعلى المؤمن أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بالحكمة، والموعظة الحسنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني