الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالفة خلف العاشر لشيخه عن اختيار وترجيح لقراءات متواترة

السؤال

الإمام خلف العاشر انفرد بقراءة عن شيخه. كيف كان له ذلك؟ أي أنه وافق شيخه حمزة كثيرا، فكيف تمت له موافقة شيخه، وفي نفس الوقت اختلف عنه؟ وما هو سنده؟ وأين وقع الاختلاف؟ أحسن الله إليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن خلفا العاشر -رحمه الله- انفرد عن شيخه حمزة في اختيار مائة وعشرين حرفا، كما جاء في النشر للعلامة ابن الجزري -رحمه الله- حيث قال: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَشْتَهَ: إِنَّهُ خَالَفَ حَمْزَةَ يَعْنِي فِي اخْتِيَارِهِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا. (قُلْتُ): تَتَبَّعْتُ اخْتِيَارَهُ فَلَمْ أَرَهُ يَخْرُجُ عَنْ قِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، بَلْ وَلَا عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ إِلَّا فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاءِ: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ) قَرَأَهَا كَحَفْصٍ وَالْجَمَاعَةِ بِأَلِفٍ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي إِرْشَادِهِ السَّكْتَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَخَالَفَ الْكُوفِيِّينَ. انتهى

وأما سنده فإنه كان عن أعلام القراء الكبار كسليم صاحب الإمام حمزة، وإسحاق المسيبي صاحب الإمام نافع، والإمام الكسائي وغيرهم، وهؤلاء سندهم معروف ومتصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال ابن الجزري في النشر: وَقَرَأَ خَلَفٌ عَلَى سُلَيْمٍ صَاحِبِ حَمْزَةَ..، وَعَلَى يَعْقُوبَ بْنِ خَلِيفَةَ الْأَعْشَى صَاحِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلَى أَبِي زَيْدٍ سَعِيدِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيِّ صَاحِبِ الْمُفَضَّلِ الضَّبِّيِّ وَأَبَانٍ الْعَطَّارِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ وَأَبَانٌ عَلَى عَاصِمٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُ عَاصِمٍ، وَرَوَى الْحُرُوفَ عَنْ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيِّ صَاحِبِ نَافِعٍ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا، وَعَنِ الْكِسَائِيِّ ..، وَتَقَدَّمَتْ أَسَانِيدُهُمْ مُتَّصِلَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى

وبهذا تعلمين أن مخالفته لشيخه في هذه الحروف، واختياره لأدائها بغير قراءته؛ ليس بشذوذ، ولا عن هوى، وإنما كان اختيارا وترجيحا لقراءات متواترة أخذ بها عن الشيوخ الأثبات.

ولذلك قال ابن الجزري -رحمه الله- إنه لم يخرج عن قراءة الكوفيين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني