الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخصيص الأولاد دون الزوجات بالوقف

السؤال

رجل متزوّج زوجتين، وله من الزوجة الأولى أولاد، وليس له من الثانية أولاد، ويريد أن يوقف وقفًا ذُرِّيًّا علَى الأولاد -الذكور، والإناث-، ولا يُوقِف على الزوجتين؛ فهل يجوز ذلك؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج من تخصيص الأولاد دون الزوجات بالوقف.

وشرط نفاذ هذا الوقف أن يُنجّزه الواقِف، ولا يُعلّقه على موته، فإنه إن علّقه على موته؛ يكون في معنى الوصية؛ وبالتالي لا يصحّ على أحد من الورثة؛ لأنه لا وصية لوارث.

ويصحّ أن يجعل النظر في الوقف لنفسه عند الجمهور، خلافًا للمالكية؛ فهم يشترطون لصحّته خروجه من يد الواقف؛ ليتحقّق الحَوْز، كما سبق بيانه في الفتوى: 49196.

والراجح هو مذهب الجمهور، قال ابن قدامة في «المغني»: يَنظُرُ في الوَقْف مَن شَرَطَه الواقِف ... فإن جعل النظر لنفسه؛ جاز، وإن جعله إلى غيره؛ فهو له .. اهـ.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: إذا وقف وقفًا، وجعل النظر فيه لنفسه مدة حياته، ثم من بعده لغيره؛ صح ذلك عند الجمهور، وهو اتّفاق من الصحابة؛ فإن عمر -رضي الله عنه- كان يلِي صدقته، وكذلك الخلفاء الراشدون، وغيرهم من الصحابة، والنبي صلى الله عليه وسلم لمّا أشار على عمر بوقف أرضه، لم يقل له: لا يصحّ ذلك حتى تخرجها عن يدك، ولا تَلِي نظرها! وأي غَرَض للشارع في ذلك؟ وأيّ مصلحة للواقف، أو للموقوف عليه؟ بل المصلحة خلاف ذلك؛ لأنه أَخْبر بماله، وأَقْوم بعمارته ومصالحه، وحفظه من الغريب الذي ليست خبرته وشفقته كخبرة صاحبه وشفقته.

ويكفي في صحة الوقف إخراجه عن ملكه، وثبوت نظره ويده عليه كثبوت نظر الأجنبيّ ويده، ولا سيما إن كان متبرّعًا، فأيّ مصلحة في أن يقال له: "لا يصحّ وقفك حتى تجعله في يد مَن لست على ثقة مِن حفظه، والقيام بمصالحه، وإخراج نظرك عنه"؟ ... وثبوت يده ونظره لا ينافي وقفه لله؛ فإنه وقفه لله، وجعل نظره عليه ويده لله؛ فكلاهما قربة وطاعة، فكيف يحرم ثواب هذه القُرْبة، ويقال له: لا يصحّ لك قُرْبة الوقف إلا بحرمان قُرْبة النظر، والقيام بمصالح الوقف؟ فأيّ نص، وأيّ قياس، وأيّ مصلحة، وأيّ غَرَض للشارع أوجب ذلك؟ بل أيّ صاحب قال ذلك؟ ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني