الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض أحد الشريكين فسخ الشراكة

السؤال

اشترك شخصان في مكتب هندسيّ قبل سنتين تقريبًا مناصفة بالمال وبالعمل، ومناصفة في الربح والخسارة، وبعد سنة وربع تقريبًا رُخّص المكتب، إلا أنه لم يشتغل بتاتًا؛ لأن الشريك الأول -وقد اتفق الشريكان أن يديرا المكتب- رفض العمل والبدء قبل أن يوظَّف معماريّ ومسّاح يداومان في المكتب -الأمر الذي تعذّر-، مع أن المكتب يمكن أن يبدأ بالفريق الحالي كلٌّ باختصاصه، ومن ضمنه المعماريّ صاحب المكتب.
كما اشترط الشريك الأول أن يتوافق الشريكان معًا على أي عقد أو صفقة يعقدها المكتب، وإلا فلا يسمح بعقد الصفقة باسم المكتب بتاتًا، وهذا الأمر لم يُبحَث سابقًا بين الشريكين.
وقد قرّر الشريك الثاني فسخ الشراكة، والاحتكام إلى الشرع في تعويض الشريك الأول عن الضرر الناتج عن فسخ شراكته، إن وجد، أو يبيع أحدهما للآخر، أو يبيعان المكتب للغير، أو يعمل كلٌّ بمفرده في المكتب، فرفض الشريك الأول فسخ الشراكة، وقال: لا بدّ من الاستمرار فيها؛ حتى يقف المكتب على رجليه، ويصرف على نفسه مهما طالت المدة، كما رفض الاحتكام لأحد، وقال يحتكم لله فقط الذي سيأخذ له حقّه من الشريك الثاني، مع التهديد بالدعاء عليه.
السؤال: هل يحق للشريك فسخ عقد الشراكة دون رضا الشريك الآخر -خاصة أنه لا يستطيع أن ينفق على الخسارة المستمرة، والشريكان من غير عمل منذ سنتين-، والمطالبة بتعويض الشريك الأول عن تضرّره بفسخ الشراكة، إن وجد؟ وهل يحقّ له في حال رفض الشريك فسخ الشراكة أن يعمل منفردًا في ظل المكتب ربحًا وخسارة، وللطرف الآخر نفس الحق رضي أم لم يرضَ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالشِّرْكة -عند جمهور الفقهاء- من العقود الجائزة، لا اللازمة، فلكلٍّ من الشريكين أن يستقلّ بفسخ الشركة، رضي الآخر أم أبى، حضر أم غاب، كان المال نقودًا أم عروضًا؛ بخلاف المالكية؛ فالشركة عندهم عقد ‌لازم للطرفين، لا يجوز لأحدهما الفسخ إلا برضا الآخر، ويستمرّ هذا اللزوم إلى أن ‌يَنضَّ ‌المال، أو ‌يتمّ ‌العمل الذي تَقبَّل.

وإذا كانت هذه الشركة ليس فيها مال يُنتظَر نُضوضُه، ولا عمل متقبل يُنتظر إتمامه؛ فلا خلاف في جواز فسخها من قِبل أي من شركائها، وانظر للفائدة الفتاوى: 379228، 32468، 48733.

وعلى هذا؛ فليس للشريك الأول أن يُلزم الشريك الثاني (السائل) بالبقاء في الشركة، ويجوز للسائل أن يفسخها دون رضا شريكه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني