الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اشتراط تأخير بعض الثمن في بيع السلم

السؤال

في بيع السلم. هل يجوز لي كبائع أن أقبض جزءا من المبلغ عند الاتفاق، والباقي عند تسليم البضاعة.
مع العلم أن مدة الاتفاق هي على الأكثر 3 -5 أيام فقط، من الاتفاق إلى تسليم البضاعة. حيث سيتم توفير بضاعة لعميل من مدينة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان المبيع سلعة معينة غائبة، يملكها البائع عند عقد البيع، فلا حرج في قبض بعض الثمن في مجلس العقد، والباقي عند التسليم.

قال القاضي عبد الوهاب -المالكي- في «المعونة»: المبيع على ‌ثلاثة أضرب: عين حاضرة، وغائبة عن العقد، وسلم في الذمة غير معين. اهـ.
ثم قال: إن تبرع المشتري في بيع الغائب بنقد الثمن، أو بعضه قبل مجيء المبيع، جاز. اهـ.
وأما إذا كانت السلعة غير معينة، وإنما هي موصوفة في الذمة، فلا يصح بيعها إلا سلما، وأهم شروط صحة بيع السلم هو قبض الثمن كاملا في مجلس العقد، دون تأخير عند جمهور الفقهاء.

وأما المالكية فعندهم أن التأخر اليسير مغتفر، ومبلغ ذلك إلى ثلاثة أيام، على المعتمد عندهم، بشرط ألا يبلغ حلول ‌أجل السلم نفسه.

قال خليل في مختصره: شرط السلم: قبض رأس المال ‌كله، ‌أو ‌تأخيره ‌ثلاثا ولو بشرط، وفي فساده بالزيادة إن لم تكثر جدا، تردد. اهـ.
قال الخرشي في شرحه: أما إن كثرت الزيادة جدا بأن أخر إلى حلول ‌أجل السلم الذي وقع عليه العقد، فإنه لا يختلف في فساده. وكذا لو كان التأخير بشرط، والمعتمد من الطرق فساد السلم بالزيادة على الثلاثة أيام، ولو قلت سواء كانت بشرط أو بغيره. اهـ.
والراجح هو مذهب الجمهور.

قال القاضي ابن العربي -المالكي- في «القبس»: أما النقدية فيه فلم أعلم بين العلماء في وجوبها خلافًا، ولعلمائنا فيها اختلاف طويل آل بهم إلى أن يقولوا إن تأخيره بشرط اليوم واليومين جائز، وآلت الحال بهم أيضًا إلى أن يقولوا إنه لو تأخر بغير شرط ‌إلى ‌حلول ‌أجل ‌السلم أيضًا لجاز! وأين هذا من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ.

والصحيح أنه لا يجوز تأخيره لحظة؛ لأنه لا تدعو إلى ذلك حاجة، ولا فيه مصلحة، وهو داخل في الكالئ بالكالئ المنهي عنه إجماعًا. وكفى أن يكون المسلم فيه مستثنى من بيع ما ليس عندك، رخصة للحاجة الداعية إليه، فكيف أن يكون رأس المال يتأخر بشرط، فيدخل في الكالئ بالكالئ من غير حاجة. اهـ.

وانظر للفائدة، الفتوى: 258670.
وعلى ذلك، فإن كان البيع المسؤول عنه سلما، فلا يصح اشتراط تأخير شيء من الثمن فيه، ولا سيما إذا كان ذلك إلى حلول ‌أجل السلم نفسه، كما هو ظاهر السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني