الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

تعرفت عن طريق الشات إلى فتاة ديّنة، تتحلى بالخلق، وتعرفت إلى شخصيتها أكثر وأكثر، مما قرأته لها من كتابات في إحدى ساحات تبادل الحوار الفكري، وذلك بعد جهد لمعرفة اسمها المستعار، واطمأن قلبي لما قرأته لها من مواضيع، وقررت الاستخارة قبل أن أتقدم لأهلها، وتوكلت على الله، وأخبرت أهلي بالأمر، لكني صدمت أن أهلها لن يقبلوا بطالب علم، حتى ولو كان الأمر عقدًا فقط، إلى أن أنهي دراستي، وخوفًا من رفض أهلها حين أتقدم لخطبتها؛ لأن رفضهم لي سيمنعني من التقدم لها بعد إكمالي دراستي، قررت أن أنتظر إلى أن أنهي دراستي، وأتقدم لها عند ذلك -إن شاء لله-، فهل يجوز أن أتحدث معها عن طريق الشات فقط إلى ذلك الحين؟ مع العلم أننا لم ولن نستخدم الهاتف، أو أي وسيلة أخرى من وسائل الاتصال غير الشات قبل العقد على الفتاة، والمحادثة فيما بيننا هي تبادل الأفكار، والتشاور فيما يواجهنا في حياتنا اليومية من مشاكل، أو المواضيع المتداولة بين العامة من الناس، أو النصح والإرشاد فيما بيننا، والمحادثة خالية من أي كلام يخدش الحياء، أو كلام حب، أو قول يغضب الله تعالى، والشات لم يلهنا عن أداء الفريضة من الصلوات، أو تأخيرها عن وقتها -ولله الحمد-، فهل يجوز لي أن أحادثها بالشات، وهو أكثر الطرق عفة في نظرنا، إلى حين تخرجي، وإنهائي دراستي -إن شاء الله-؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن العلاقة بين الرجل والمرأة، ينبغي أن تكون مضبوطة بأصول الشرع، فيحرم إقامة علاقة بين رجل وامرأة، إلا في ظل زواج شرعي، كما أنه لا ينبغي أن يخاطب، أو يكاتب، أو يحادث رجل امرأة، أو امرأة رجلًا، إلا لحاجة، وإذا وجدت الحاجة، فيجب أن يكون كل ذلك وفق ضوابط الشرع، وحدود الأخلاق والأدب؛ حتى لا تحصل فتنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من الافتتان بالنساء، بقوله: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. رواه البخاري، ومسلم.

في بداية الأمر -غالبًا ـ يأخذ المرء على نفسه العهود، والمواثيق بأنه لن يقول، أو يفعل ما يغضب الله، لكن الشيطان قد يستدرجه إلى الخطأ، فليحذر المسلم من ذلك قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور:21}.

كما أن من أراد الزواج، ينبغي له السؤال عن من يريد الزواج منه، وعن أحواله، وأخلاقه، وعن أهله، وقبل ذلك السؤال عن دينه، والتزامه، ولا يتأتى ذلك بمثل هذا التواصل، إضافة إلى ما فيه من مفاسد معروفة.

وبناءً على ما تقدم؛ نقول للسائل الكريم: هذه الفتاة التي تريد محادثتها عن طريق "الشات"، هي أجنبية عنك، شأنها شأن غيرها من النساء، فلا تحادثها عبر "الشات"، ولا غيره.

وما دمت لا تستطيع الزواج منها الآن، فلا تشغل نفسك بها، ولا تفكر بها أصلًا.

وننصحك بالاهتمام بالدراسة، وطلب العلم، وبعد إنهاء الدراسة ـ إن شاء الله ـ، يمكنك التقدم لهذه الفتاة، أو غيرها، وستكون أمامك الفرص متوفرة للاختيار، بدلًا من التعلق بهذه الفتاة الآن، وانتظارها دون جدوى.

وعليك بدعاء الله بصدق، وإلحاح أن ييسر لك الخير حيث كان -وفقك الله لصالح الأقوال، والأعمال-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني